
بقلم: اللواء/ أحمد زغلول مهران
رئيس الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية
رئيس مركز دعم الإبداع والابتكار والوعي المجتمعي
في لحظة وعي صادقة
في أحد اللقاءات الفكرية الهامة التي نظمها مركز رع للدراسات الاستراتيجية بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة كنت أتشرف بإلقاء محاضرة توعوية مع مجموعة من خيرة شباب الجامعات المصرية حول أهمية التماسك المجتمعي وبناء الوعي الوطنى واستدعاء القيم العليا للمواطنة فاستوقفتني عبارة خالدة من التراث السينمائي الوطني قالها البطل في فيلم “في بيتنا رجل”:
“ساعات الموت بيكون أهون من الحياة”
تلك العبارة التي جاءت في سياق درامي عظيم لم تكن مجرد كلمات بل كانت تعبيراً صادقاً عن قيمة الكرامة الوطنية والمعنى الحقيقي للتضحية لكن في واقعنا المعاصر لم تعد معركة الوطن قائمة فقط على السلاح بل على سلاح من نوع جديد سلاح الوعي والعلم والثقافة والالتزام المجتمعي .
الولاء والانتماء •• أساس النهوض لا شعارات تُردد
الوطن لا يُبنى بشعارات تُلقى على المنصات ولا بكلمات تُردد في المناسبات بل بالولاء الحقيقي والانتماء الصادق وهذا ما أكدت عليه أمام الشباب في ذلك اللقاء أن الولاء لمصر لا يعني فقط رفع العلم أو ترديد النشيد بل يعني :
• أن تعمل بإخلاص في موقعك .
• أن تدافع عن الحق وتواجه الشائعات .
• أن تحرص على الإنتاج وتلتزم بالقانون .
• أن تُعلي مصلحة الوطن فوق كل اعتبار شخصي أو حزبي أو طائفي .
الانتماء هو سلوك يومي يظهر في الصغير قبل الكبير في الأمانة بالعمل وفي احترام الآخر وفي الإيمان بأن الفرد جزء من كل لا كيان مستقل عن المجتمع الوطني .
القوات المسلحة والقيادة •• درع الوطن وسنده
أكدت في اللقاء ايضاً أن الوقوف خلف القيادة السياسية المصرية الواعية وخلف قواتنا المسلحة الوطنية لم يعد خياراً بل واجباً وطنياً لا يقبل التراخي .
القيادة اليوم تخوض معركة بقاء وتنمية في آنٍ واحد وسط عالم مضطرب ومتغيرات إقليمية لا ترحم
وقواتنا المسلحة التي أثبتت في كل المواقف أنها درع الوطن الأمين ليست فقط جيشاً نظامياً بل مؤسسة وطنية تحمل على عاتقها حماية السيادة وضمان استقرار الدولة ودفع عجلة التنمية في آنٍ واحد .
وعلينا جميعاً أن نُدرك أن نجاح القيادة لا يتحقق فقط بقراراتها بل بالتفاف الشعب حولها ودعمها في مواجهة التحديات وصبره على إجراءات الإصلاح ومشاركته في البناء .
التضحية لم تعد فقط فى ميدان المعركه •• بل في ميادين الحياة
قلت لهؤلاء الشباب وهم أمل الغد وأدوات التغيير الحقيقية إن مصر لا تطلب منكم أن تموتوا من أجلها بل أن تحيوا لها حياة تليق باسمها وتاريخها .
• أن تُبدعوا فأنتم تحاربون الجهل والتقليد الاعمى .
• أن تتفوقوا فأنتم تهزمون التخلف .
• أن تحاوروا فأنتم تحمون نسيج المجتمع .
• أن تتحلّوا بالأخلاق فأنتم تُصلحون ما أفسده الانفلات .
إن الجيل الجديد ليس مطلوباً منه أن يحمل سلاحاً بل أن يحمل سلاح المعرفة والثقافة والابتكار والمسؤولية المجتمعية .
هذه هي ميادين المعركة الآن معركة بناء الإنسان المصري الواعي القادر المنتج المبدع والمُحصّن ضد محاولات الهدم والتشكيك.
التماسك المجتمعي هو الأمن القومي غير المعلن
عندما تتماسك الجبهة الداخلية يصبح الوطن عصيّاً على الكسر ولهذا كان اللقاء الذي تم في مركز رع للدراسات الاستراتيجية بتكليف من وزارة الشباب والرياضة، فرصة عظيمة لزرع هذه القيم في وجدان الشباب .
أكدنا أن الاختلاف في الرأي لا يعني التنازع بل التنوع .
وأن قبول الآخر والتسامح والقدرة على الحوار هي سمات مجتمع حضاري يليق بمصر الجديدة .
الوطن لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه الحقيقين
في نهاية هذا اللقاء خرجنا جميعاً بإجماع على حقيقة واحدة لا تقبل النقاش:
إن التضحية من أجل الوطن لم تعد فقط في خنادق الحرب، بل أصبحت في عمق الحياة اليومية .
إننا في حاجة إلى:
• موظف مخلص ينجز عمله دون انتظار مقابل .
• معلم أمين يغرس القيم في طلابه .
• طالب مُجتهد يرى في تفوقه نصرة لوطنه .
• إعلامي واعٍ يوجه الكلمة الصادقة .
• عامل يُتقن ومهندس يُبدع وطبيب يُداوي بضمير ومبتكر يُقدم حلاً جديداً .
مصر لا تحتاج لمن يموت من أجلها فحسب بل تحتاج لمن يعيش لها بإخلاص .
تحتاج إلى جيل يعرف أن الولاء ليس ادعاء بل قرار يومي تُترجمه الأفعال وأن البناء لا يتم إلا عبر سواعد المؤمنين به .
فلتكن المعرفة سلاحنا والثقافة درعنا والأخلاق زادنا والابتكار طريقنا ولنردد جميعًا بصوت واحد :
لن نُذل في وطن حر ولن نُقصّر في واجبنا نحوه وسنحيا لنجعل من مصر نموذجاً يُحتذى به في الوعي والبناء والتقدم .








