رؤية إسرائيل لتهجير الفلسطينيين نحو جنوب السودان ودول أخرى

بقلم: لواء / احمد زغلول مهران
في خطوة مثيرة للجدل، أُفيد بأن إسرائيل تجري محادثات سرية مع بعض الدول الأفريقية مثل جنوب السودان، وربما إندونيسيا، ليبيا، أوغندا، صومالاند ، لاستقبال فلسطينيين من غزة تحت ما يُسمّى “الهجرة التطوعية” أو التهجير “الاختياري”. بعض هذه المحادثات وصلت إلى مراحل تمهيدية، من ضمنها زيارة قام بها مسؤولون إسرائيليون إلى جنوب السودان لاستكشاف إمكانية إقامة مخيمات هناك.   
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا إلى هذه الفكرة، قائلاً إن “الشيء الصحيح هو السماح للسكان بالمغادرة، ثم الذهاب بكل قوتك ضد من يبقى” هذه الخطوة تأتي ضمن محاولات لإعادة تشكيل الواقع الديموغرافي في غزة وإضعاف المقاومة، بالتزامن مع تعاظم التصعيد العسكري.
الغطاء الدولي والاعتبارات الإسرائيلية
إسرائيل تحاول تقديم الفكرة تحت غطاء “الهجرة التطوعية” بدلاً من التهجير القسري، لكن المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة تعتبرها محاولة لإعادة التوطين القسري للفلسطينيين، وهو ما قد يشكل جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي.   
سبق لإسرائيل أن طرحت مقترحات مشابهة، مثل برنامج نقل طالبي اللجوء من إريتريا والسودان إلى رواندا وأوغندا، كما جرى بحث خطة عام 1969 لإرسال فلسطينيين إلى باراغواي مقابل حوافز مالية، دون أن تُنفّذ بنطاق واسع  .
ردود الأفعال العالمية
الدول العربية والإسلامية
• تركيا أدانت التحركات الإسرائيلية ووصفتها بأنها جزء من “سياسات توسعية وإبادة”، داعية إلى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي .
• الدول العربية، عبر بيانات جامعة الدول العربية ومنظمات حقوقية، اعتبرت الفكرة محاولة لترحيل الشعب الفلسطيني وإلغاء حق العودة.
أوروبا والمجتمع الدولي
• المفوضية الأوروبية وعدد من الدول الأوروبية أدانوا مقترحات التهجير، مؤكدين أنها تُهدّد حل الدولتين وتعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي  .
الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية
• منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” نددت بأن الحديث عن نقل سكاني واسع من غزة إلى دول فاشلة مثل جنوب السودان يشكل تصعيدا خطيرًا ومخالفة واضحة للقوانين الدولية.  
الموقف المصري معارضة صريحة ودور محوري
مصر عبرت عن معارضتها التامة لهذه الأفكار أمام المجتمع الدولي:
• الرئيس السيسي قال بشكل واضح إن مصر لن تشارك في “فعل ظالم” مثل تهجير الفلسطينيين، مشدداً على أنه إذا كان هناك تهجير فلا بد أن يكون داخل النقب الإسرائيلي وليس الضغط على مصر لاستقبال اللاجئين  .
• وزارة الخارجية المصرية والدوائر الدبلوماسية عملت بفعالية على تحذير جنوب السودان وغيرها من الدول من إقامة مخيمات للاجئين الفلسطينيين، خشية أن تصبح هذه الدول مناطق انتقالية تنهي حق العودة وتكسر الطابع القانوني للقضية  .
• مصر انضمت أيضًا إلى القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، متهمةً إياها بارتكاب ما يشبه الإبادة الجماعية في غزة، ما يُشكل رداً قانونياً مهماً .
• علاوة على ذلك، عينت القاهرة مبعوثاً وعززت اتصالاتها الدبلوماسية لرفع الوعي العالمي حول خطورة هذا المخطط .
توصيات عملية لإجهاض المخطط
1. تصعيد دبلوماسي عربي جماعي: يجب أن تتبنى جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي موقفاً موحداً ومكثفاً ضد محاولات التهجير، وإحالة المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
2. دعوة لمؤتمر دولي عاجل: بمبادرة مصرية وقبرصية وتركية، لجمع الدول الداعمة للقانون الدولي لمواجهة المخطط وتقديم ضمانات بعدم تهجير السكان.
3. دعم مادي وسياسي للفلسطينيين في غزة : لتقوية صمودهم وإنقاذهم من الانهيار، عبر تسهيل إدخال المساعدات وتفعيل المجتمع المدني الدولي.
4. إعلام عربي موحد: إطلاق حملة إعلامية عربية وأردنية ومصرية تُفضح خطط التهجير وتُجري مقارنة بين كونه انتقالاً طوعياً أو قسرياً.
5. تفعيل القنوات القانونية الدولية: دعم القضية في محكمة العدل الدولية وتفعيل طلبات اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد قادة إسرائيل المتورطين في هذا المخطط.
6. الضغط المباشر على الدول المستهدفة: مثل جنوب السودان، عبر مؤسسات الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي، حتى لا تتحول إلى أدوات لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم.
7. استنفار شعبي عربي: تنظيم وقفات داعمة للحقوق الفلسطينية ومحذّرة من تبعات التهجير على السلام والاستقرار الإقليمي.
الخلاصة:
ما يُطرح اليوم ليس مجرد “هجرة” أو “مغادرة تطوعية”، بل خطوة خطيرة نحو مسح الهوية الفلسطينية وفرض واقع جديد لا يُقيم دولة فلسطينية مستقلة لذا يجب أن يكون الرد العربي والدولي حاسماً وفورياً لمنع إقامة “بؤره بشريه” في صحراء أفريقيا، وإنقاذ الفلسطينيين من الفقدان النهائي لأرضهم وحقهم