ساحة الرأي

الجيش المصري.. تاريخ من المجد والعزة

بقلم: اللواء/ احمد زغلول مهران
عضو الهيئه الاستشاريه العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجيه
رئيس مركز دعم الابداع والابتكار والوعى المجتمعي

الجيش المصري ليس مجرد قوة عسكرية بل هو تجسيد حقيقي لعزة مصر ومرآة صادقة لإرادة شعبها وتاريخها وقيمها الحضارية منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا كان الجيش المصري هو السياج الحامي للدولة والحاضن لعقيدتها والمدافع عن كرامتها.

هذا المقال يستعرض بأسلوب دقيق ومرجعي مسيرة الجيش المصري عبر العصور كما يؤكد على الدور العظيم الذي قامت وتقوم به القيادة السياسية الواعية في دعم وتطوير هذه المؤسسة الوطنية الخالدة بما يليق بتاريخها ويمهد لمستقبل يليق بمكانة مصر.

أولاً : الجيش المصري في العصور القديمة

العصور قبل التوحيد والعصرين المبكر والمتوسط
• تأسس أول جيش نظامي مع توحيد القطرين على يد الملك مينا (نارمر) حوالي 3400 ق.م لحماية الوحدة والاستقرار.
• في الدولة الوسطى تطور التنظيم العسكري ليشمل وحدات المشاة والرماة والبحرية وأصبحت الإدارة العسكرية جزءاً أساسياً من جهاز الدولة.

الدولة الحديثة (العصر المصرى الجديد)

• الملك أحمس الأول طرد الهكسوس وكان مؤسساً لمرحلة جديدة من الاستقلال والقوة.
• تحتمس الثالث قائد أكثر من 17 حملة عسكرية أرسى أول إمبراطورية مصرية.
• رمسيس الثاني خاض معركة قادش ضد الحيثيين والتي انتهت بأول معاهدة سلام مكتوبة في التاريخ.
• قادة آخرون مثل مرنبتاح ورمسيس الثالث تصدوا لغزوات الليبيين وشعوب البحر.

ثانياً : العصور الوسطى والإسلامية

• بعد الفتح الإسلامي عام 641م أصبح الجيش المصري جزءاً من الجيش الإسلامي وشارك في الفتوحات الإسلامية.
• في عهد الدولة الأيوبية والمماليك ساهم الجيش المصري في صد الحملات الصليبية وحماية الشرق الإسلامي.
• معركة حطين بقيادة صلاح الدين عام 1187م وعين جالوت بقيادة سيف الدين قطز عام 1260م شكّلتا نقاطاً فارقة في تاريخ الدفاع عن الأمة.

ثالثاً : العصر الحديث وبداية الجيش الوطني

محمد علي باشا
• أنشأ أول جيش مصري حديث يعتمد على أبناء الوطن وتم تنظيمه بالأسلوب الأوروبي الحديث.
• إبراهيم باشا قاد حملات ناجحة في الشام والأناضول.

ثورة أحمد عرابي
• أول تحرك وطني داخل الجيش رفضاً للتمييز والتدخل الأجنبي.
• معركة كفر الدوار أثبتت شجاعة الجيش رغم قمع الثورة.

إقرأ أيضاً: وزير الخارجية يلتقي مع رئيسة الدورة ٨٠ للجمعية العامة للأمم المتحدة

رابعاً : الجيش المصري في القرن العشرين والنضال ضد الاحتلال

• خلال الحرب العالمية الأولى حمت القوات المصرية مناطق استراتيجية رغم الاحتلال البريطاني.
• ظهرت بدايات تشكيل جيش وطني مستقل بالتوازي مع تصاعد الوعي القومي.

خامساً : الحروب مع إسرائيل والانتصارات الكبرى

• 1948: مشاركة أولى مع بعض الدول العربيه ضد الاحتلال الصهيوني رغم ضعف الإعداد.
• 1956 (العدوان الثلاثي): مصر واجهت هجوماً من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لكنها خرجت منه سياسياً منتصرة.
• 1967 (النكسة): محطة مؤلمة أدت لإعادة بناء شامل للجيش.
• حرب الاستنزاف: مقاومة نوعية أرهقت العدو وأظهرت صلابة الجبهة المصرية.
• 1973 (حرب أكتوبر): ملحمة عسكرية خالده عبر فيها الجيش قناة السويس وحطم خط بارليف وحرر الارض المختصين وأعاد للأمة كرامتها وهيبتها.

سادساً : القادة العظام الذين خطّوا التاريخ

• أحمس الأول، تحتمس الثالث، رمسيس الثاني، صلاح الدين الأيوبي، سيف الدين قطز، محمد علي باشا، إبراهيم باشا، أحمد عرابي، جمال عبد الناصر، أنور السادات.
• كما لا يمكن أن ننسى مئات الآلاف من الأبطال والجنود المجهولين، الذين قدّموا أرواحهم فداءً للوطن في صمت وعزيمة.

سابعاً : التضحيات والقيم والدروس المستخلصة

• التضحيات شملت كل مستويات الحياة العسكرية: القتال والجاهزية والصبر والانضباط.
• قيم الجيش: الشجاعة والولاء والوحدة والوطنية والانضباط.
• الرسالة لأعداء الوطن: القوة ليست فقط في العتاد بل في الإيمان بالحق والإرادة التي لا تلين.

ثامناً : نحو المستقبل الملئ بالتحديات

• يدرك الجيش المصري طبيعة التهديدات الحديثة: الإرهاب والحروب الإلكترونية والحروب غير النظامية.
• يتبنى سياسة عسكرية عقلانية ترتكز على الدفاع الذكي وتحديث العقيدة والانفتاح على التطوير المستدام.
• يؤمن الجيش بأن أمن مصر لا يُختزل في حدودها بل يشمل أمنها الاقتصادي والسياسي والمائي والاستراتيجي.

تاسعاً : التطوير الحديث للقدرات العسكرية بعد ثورة يونيو 2013

بفضل الرؤية الواعية للقيادة السياسية المصرية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي شهدت القوات المسلحة المصرية طفرة غير مسبوقة في التحديث والتطوير شملت جميع الأفرع القتالية والقدرات الدفاعية والبنية التحتية العسكرية:

1. القوات الجوية
• انضمام طائرات رافال، ميج-29، سو-35، إف-16 الحديثة.
• تعزيز منظومات القيادة والسيطرة، وتحديث المطارات.

2. القوات البحرية
• انضمام حاملتي مروحيات ميسترال وفرقاطات فريم، MEKO A200 جوويند.
• تعزيز أسطول الغواصات بـ Type 209 الألمانية مما أضاف بعداً استراتيجياً كبيراً.

3. القوات البرية
• تطوير دبابات M1A1 أبرامز وعربات MRAP المدرعة المقاومة للألغام.
• إنشاء قواعد استراتيجية مثل قاعدة محمد نجيب وقاعدة برنيس.

4. الدفاع الجوي
• إدخال منظومات متقدمة مثل S-300VM بوك تور وبناء شبكة رادارية متكاملة.

5. التدريب القتالي
• تدريبات مشتركة مع جيوش العالم: الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والإمارات والسعودية وغيرها.
• إنشاء مراكز محاكاة حربية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

6. تنوع مصادر التسليح
• الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين وإيطاليا تضمن مرونة القرار واستقلالية التسليح.

7. الدور المجتمعي
• مساهمة الجيش في مشروعات قومية كبرى: الطرق والأنفاق والعاصمة الإدارية والبنية التحتية ومواجهة الأوبئة والكوارث.

تحوّل الجيش المصري إلى قوة إقليمية شاملة ذات قدرات استراتيجية متقدمة تمثل ركيزة الأمن القومي المصري والعربي وتملك الجاهزية الكاملة لحماية الأمن القومي الممتد على جميع الاتجاهات

عقيدة لا تنكسر وجيش لا يُقهَر

الجيش المصري لم يكن يوماً مجرد قوة نظامية بل كان ولا يزال عمود الدولة وقلبها النابض بالحياة والاستقرار إنه درع الوطن وسيفه يحمل على عاتقه أمانة ثقيلة وهي حماية الأرض والعِرض والهوية.

على مدار التاريخ لم يخضع الجيش المصري لأي انكسار دائم بل كان يتعامل مع كل تحدٍ على أنه فرصة للنهضة وكل هزيمة كخطوة للانتصار الأكبر واليوم يقف هذا الجيش شامخاً متطوراً عصرياً متكامل البنيه مدعوماً بإرادة سياسية واعية وشعب يثق فيه ويُقدّره.

وفي هذا السياق لا يمكن أن نغفل عن الإشادة العظيمة والمستحقة بالقيادة السياسية الوطنية الرشيدة، ممثلة في فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أدرك منذ اللحظة الأولى حجم التحديات واستثمر في بناء القوة الشاملة للدولة وعلى رأسها القوات المسلحة.

لقد قدّم الرئيس السيسي نموذجاً فريداً في حسن إدارة الملفات العسكرية والاستراتيجية وربط الأمن القومي بالتنمية الشاملة ورفع من كفاءة المؤسسة العسكرية ليس فقط في ميادين القتال بل في معارك البناء والتطوير والمشاركة المجتمعية.

إننا نعيش اليوم عصراً جديداً من القوة المدروسة والعزيمة الهادئة والتخطيط طويل الأمد ما جعل من الجيش المصري قوة يُحسب لها ألف حساب، على المستويين الإقليمي والدولي.

فى النهاية.. نقول بثقة ويقين من يظن أن مصر يمكن أن تُؤخذ غدراً أو تُهدد أمنها أيادي طامعة فليقرأ التاريخ جيداً فجيشٌنا من أقدم الجيوش نظاماً وأكثرها ثباتاً وأقواها عقيدةً.

جيشٌ يملك الإرادة قبل السلاح والإيمان قبل الإمكانات والدعم الشعبي والسياسي قبل القرار العسكري.
جيشٌ تُباركه أرضٌ مباركة وتُسانده قيادة وطنية تعرف متى تتخذ القرار ومتى تتجنب الصدام ومتى تحمي الوطن مهما كان الثمن.

تحيا مصر وتحيا قواتها المسلحة وتحيا القيادة السياسية الوطنية التي ربطت الحاضر بالمستقبل والعقيدة العسكرية بالتنمية المستدامة.
الجيش المصري لم يكن يوماً مجرد قوة نظامية بل كان ولا يزال عمود الدولة وقلبها النابض بالحياة والاستقرار إنه درع الوطن وسيفه يحمل على عاتقه أمانة ثقيلة وهي حماية الأرض والعِرض والهوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى