ساحة الرأي

محمد حراز يكتب السراب الحلقة الثامنة

 

بعد أن أخبر السيد محمود العلايلي السيد عبد الرحمن مطر أنه قد تلقى برقية من تل أبيب شرح فيها الدكتور إيهاب رشدي أن صلاح اصطحب زوجته، إلى مستشفى أسوتا في “رمات هحيال” وقد أخبرهم الدكتور إيهاب بأن المولود انثى، وأنه اختار لابنته اسم آريس…

السيد عبد الرحمن: بصراحة يافندم اختيارك للدكتور إيهاب وزرعه وسط المجتمع اليهودي، كان فيه مجازفة كبيرة جدا من سيادتك، لكن حتى الآن هو يحقق نجاحات كبيرة وبيحقق المطلوب منه بكل دقة.

السيد محمود: شوف ياعبد الرحمن، وعايزك تخليها قاعدة في كل حاجة بتعملها؛ كل نقطة عرق بتبذلها أثناء التدريبات، وكل مجهود تقوم به، هو سر نجاحك .. دكتور ايهاب خضع لتدريبات مكثفة، استمرت لسنوات .. بذل مجهود بالنسبة لطبيعته كطبيب هو مجهود جبار، كان لازم ينجح، دا غير انه قدر يكسب ثقة اليهود، لأنه بالفعل طبيب متميز، اتقانه اللهجة العراقية أكتر من العراقيين أنفسهم هو اللي شجعني على تجنيده

 

كوخاڤ هتسفون في ١٩٧١/١٢/٣ الموافق يوم الجمعة

صلاح يمسك بجريدة “يديعوت احرونوت”وهو يجلس في شرفة المنزل يقرأ مانشيت عن قول أحد الجنرالات في جيش الدفاع بأن هناك تأكيدات من الجانب الروسي، أنه من حق الدول العربية امتلاك وسائل تمكنها من الدفاع عن نفسها، وأن مصر في سبيلها لاستلام صواريخ أرض جو متطورة من طراز سام ٣ فقال: واضح ان السادات مش عايز يجيبها البر.

زاره في المطبخ تُعد طعام العشاء، فنادت على صلاح : شولومو .. شولومو

صلاح: عيون شولومو .. الله ريحة السمك تجنن زاره

زاره من داخل المطبخ: انت بتكلم نفسك ياحبيبي..

صلاح: أبدا .. بس كاتبين ان الروس هايسلموا المصريين صواريخ سام ٣

زاره: مستحيل .. مستحيل الروس يعملوا كده

صلاح يمسك بالجريدة ويقول: طيب إيه معنى الكلام المكتوب ده!!

زاره: اطمن شولومو .. أصدقائنا “الأمريكان” أكيد مش هايسمحوا .. مستحيل.

صلاح: اتمنى .. انتِ متعرفيش المصريين .. دول فراعنه

زاره: حبيبي اطمن .. سيبك بقى من كلام يديعوت، وتعالى ساعدني.

صلاح يدخل المطبخ ويحتضن زاره من الخلف ويقول: إيه الريحة اللي تجنن دي زاره

زاره: حبيبي شولومو بسرعة طلع صينية السمك قبل ماتتحرق، وبعدين نشوف حكاية الفراعنة دول، علشان في حاجة أهم من الروس هانتكلم فيها

 

صلاح اثناء تناوله الطعام: تسلم ايديكي .. عمر ما أكلت سمك بالجمال ده

زاره: يابكاش .. بعد بكره عندك لقاء مهم

صلاح: مهم .. مع مين

زاره: إيهود شاؤول

صلاح: إيهود شاؤول؟!

زاره: ضابط الموساد اللي هايشرف على تدريبك

صلاح: هاتكوني موجودة

زاره: لا ياحبيبي .. أنا في أجازة حسب توصية الدكتور فؤاد

صلاح: قوليلي زاره .. دكتور فؤاد مولود هنا ولا بالعراق

زاره: دكتور فؤاد يهودي عراقي أسرته تعرضت للإضطهاد والتعذيب من البعثيين، لكن هو قدر يهرب على الأردن، ومن الأردن وصل أرض الميعاد في أوائل الستينات

صلاح: لكن ازاي قدر يحدد ان الجنين بنت

زاره: علشان كده صممت على المستشفى في “رمات هحيال”

 

تل أبيب

الموساد في ١٩٧١/١٢/٥ الموافق يوم الأحد

فى حجرة بالدور الثالث بمبنى الموساد عُلق على أحد جدرانها برواز به صورة مؤسس دولة إسرائيل تيودور هرتزل

في تلك الحجرة يجلس الضابط إيهود شاؤول وأمامه مكتب كبير عليه مجسم للكرة الأرضية، تم تحديد دائرة باللون الأزرق فوق المجسم حول موقع مصر..

يقف إيهود شاؤول ويشير بسبابته إلى الدائرة الزرقاء ثم قال: شولومو …

صلاح: سيدي

إيهود: مهمتنا نشغل المصريين عن انهم يفكروا مجرد التفكير فى الحرب مع اسرائيل

صلاح: المصريين أضعف من انهم يفكروا في كده

إيهود: ماهي الأسباب التي دفعتك لقول ذلك شولومو

صلاح: مفيش رئيس في العالم تخرج المظاهرات ضده، فى الشوارع وفى الجامعات وفى كل مكان، تطالبهُ بالحرب ويوعدهم أكتر من مرة، ثم يتراجع فى كل مرة، يبقى اطمن ياسيدي .. السادات مش بتاع حرب..

إيهود: علشان كده اختارتك من بين عشرات المصريين والعرب اللي بيتعاونوا معانا، تعيش في إيطاليا وتكون قريَّب من المصريين

صلاح: أنا جاهز؟!

إيهود: مينفعش شولومو، مينفعش تقول جاهز قبل تجهيزك وخوضك لواحد من أهم وأحدث برامج التدريب في العالم .. سيتم تدريبك كيف تستقطب العناصر النشطة .. كيف تبث الإشاعة وتتابع انتشارها، كيف تؤثر على الرأي العام المحيط بك..

ثم يلتفت إيهود ويضع يده فوق الدائرة الزرقاء لالمجسم ويقول: الأهم كيف تنفذ ذلك دون ان ينتبه لك أحد، ولو بنسبة واحد فى المائة..

صلاح: مستعد للتدريبات ياسيد شاؤول

 

خضع صلاح لبرنامج تدريب في غاية الدقة والقسوة فى آن واحد، أشرف على تدريبه عدد من ضباط الموساد من بينهم كل من إيهود شاؤول، والضابط يديشي أوريل، الذي كان لا يطيق سماع اسم الرئيس السادات، ولأنه كان يتعامل مع صلاح بمنتهى العنف، كان صلاح يتعمد ذكر اسم السادات أمامه، ليتمكن من التقاط أنفاسه.

 

تل أبيب .. رمات هحيال

ذهبت زاره لمستشفى أسوتا للمتابعة.

دكتور فؤاد: ممتاز ..الجنين حالته جيدة جداً

زاره: هل انت مطمئن دكتر فؤاد؟!

دكتور فؤاد: نعم ياسيدتي .. عليكي أن تطمئني أنتِ أيضاً، ولكن أين السيد شولومو؟!

زاره: سافر أمس لإنجاز بعض الأعمال في أوروبا

دكتور فؤاد: اتمنى أن يكون برفقتك أثناء ولادة طفلته الشهر المقبل

زاره: هل سأضع آريس بعد شهر من الآن يادكتور

دكتور فؤاد: نعم ياسيدتي فقد مرَّ على حملك ثمانية أشهر والجنين في حالة ممتازة .. اطمئني ياسيدتي ستسير الأمور كما تحبين، فقط ديري بالِك على حالك، ابتعدى عن الأعمال الشاقة الأيام المقبلة

زاره: أشكرك دكتور فؤاد

 

القاهرة

مكتب الجهاز في ١٩٧٢/٥/١٧ الموافق يوم الأربعاء

 

جرس الهاتف يدق السيد محمود العلايلي يتناول السماعة: آلو …. تمام .. تمام .. تمام، في انتظاره.

السيد عبد الرحمن مطر: مساء الخير يافندم

السيد محمود: مساء الخير ياعبد الرحمن .. هات ماعندك يابطل

السيد عبد الرحمن: صلاح موجود في ١١٣ فيسنترو ستوريكو روما……

إلى اللقاء في الحلقة التاسعة

السيد الأعرج

محرر متخصص في تغطية أهم أخبار والأحداث الرياضة محلياً وعالمياً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى