اليهود بين الأسطورة والواقع.. تفنيد الادعاءات الصهيونية ومصير المشروع الإسرائيلي

بقلم: لواء / أحمد زغلول مهران
منذ بدايات القرن العشرين، تزامن صعود المشروع الصهيوني مع ظهور موجة من الادعاءات الزائفة التي حاولت فرض ادعاءات مزورة على الوعي العربي والإسلامي، وخلق تاريخ بديل لتبرير احتلال فلسطين، بل وادعاء جذور تاريخية لليهود في أراضي عربية أخرى، وعلى رأسها مصر.
هذه الادعاءات لم تكن عبثية، بل جزء من مخطط أيديولوجي مدروس، يهدف إلى وضع تشريع للاستيطان الصهيوني، وطمس الهوية، وتفكيك الواقع العربي الأصيل.
ما سأقوم بسرده يرصد أبرز هذه الأكاذيب، ويفندها بالدليل، ويكشف عن حقيقة المشروع الصهيوني باعتباره كياناً توسعياً قام على التزوير والإرهاب، لا على الحق والتاريخ.
أولًا: الأهرامات وزيف مشاركة اليهود في بنائها
من أخطر ما تروّجه بعض الأوساط الصهيونية، الادعاء بأن بني إسرائيل ساهموا في بناء الأهرامات، أو كان لهم دور في الحضارة المصرية القديمة إلا أن هذا الزعم يسقط أمام الحقائق العلمية والتاريخية:
• لا توجد بردية أو نقش اثرى واحد يُشير إلى وجود عبيد يهود في مصر أثناء بناء الأهرامات.
• الأبحاث الحديثة، من جامعة القاهرة إلى جامعات عالمية، تؤكد أن بناة الأهرام كانوا عمالاً مصريين أحرارا
، عملوا بأجر، وكرّمتهم الدولة بمقابر بجوار الصروح التي شيدوها.
إن هذه المزاعم محاولة خبيثة لاختطاف الحضارة المصرية ونسبها زورًا إلى كيان دخيل لا جذور له في وادي النيل.
ثانياً: الهيكل المزعوم خرافة تستبيح القدس
تزعم الرواية التوراتية الصهيونية أن هيكل سليمان كان موجوداً في موقع المسجد الأقصى، وتسعى إسرائيل من خلال هذه الأسطورة إلى تهويد القدس، وهدم المسجد الأقصى، وإقامة ما يُسمى بالهيكل الثالث
لكن الوقائع تقول:
• لم يُعثر حتى اليوم على أي أثر مادي يُثبت وجود هذا الهيكل في القدس.
• أبرز علماء الآثار، ومنهم الإسرائيلي / إسرائيل فنكلشتاين ، أكدوا أن رواية الهيكل كما في التوراة أقرب للأسطورة منها إلى التاريخ وبذلك، فإن الهيكل المزعوم ليس إلا واجهه دينيه يُستخدم لتبرير الاحتلال وتهويد المدينة المقدسة.
ثالثاً: فلسطين الأرض التي لا تقبل التزييف
تروج الصهيونية لشعار “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، لتبرير احتلالها لفلسطين، إلا أن الحقائق التاريخية والإنسانية تنسف هذا الشعار حيث أن :
• فلسطين كانت مأهولة بالعرب، مسلمين ومسيحيين، قبل الهجرة اليهودية المنظمة.
• الحركة الصهيونية قامت بدعم استعماري بريطاني (وعد بلفور 1917)، وليس على أي حق ديني أو تاريخي.
• بعد إعلان قيام إسرائيل عام 1948، هجّرت القوات الصهيونية أكثر من 700 ألف فلسطيني قسراً، وارتكبت عشرات المجازر.
فلسطين ليست فراغاً سياسياً، بل أرض عربية إسلامية – مسيحية، لم ولن تقبل الزيف أو التزوير.
رابعاً: الهاجناه والمنظمات الصهيونية •• الإرهاب المؤسس
لم تقم إسرائيل إلا على سفك دماء الأبرياء الفلسطينيين قبل إعلان الدولة، نشأت منظمات صهيونية إرهابية مهّدت الأرض بالمجازر:
• الهاجاناه (1920): نفذت مجازر مثل دير ياسين، وحصار حيفا، وكانت الأداة الأساسية للتطهير العرقي.
• إرغون وشتيرن: مارست الإرهاب ضد العرب والبريطانيين، واغتالت وسطاء أمميين، وفجّرت مقار دبلوماسية.
هذه المنظمات تحوّلت إلى نواة الجيش الإسرائيلي، ما يؤكد أن إسرائيل لم تُبْنَى على السلام، بل على العنف والإرهاب.
خامساً: الكراهية تجاه العرب عقيدة متجذرة في الفكر الصهيونى
الفكر الصهيوني لا ينظر إلى العرب كجيران أو شركاء، بل كأعداء دائمين يجب ترويضهم أو طردهم:
• نصوص تلمودية تصف غير اليهود بأنهم “أغيار” لا قيمة لهم.
• عقيدة المؤسسة العسكرية تقوم على التحقير والتحريض، ومقولة “العربي الجيد هو العربي الميت” تجذرت في الوجدان الأمني الصهيوني.
• المدارس الدينية والعسكرية تغذي الأجيال بأفكار التفوق العنصري واحتقار الآخر.
من هنا نفهم إصرار إسرائيل على القتل والتدمير والحصار، خصوصاً في غزة والضفة الغربية.
سادساً: رفضاً قاطعاً للتهجير والقمع الإسرائيلي
منذ النكبة، لم تتوقف إسرائيل عن تهجير الفلسطينيين قسراً، ومصادرة أراضيهم، وطمس وجودهم، في محاولة لخلق واقع استيطاني جديد بالقوة ونؤكد هنا:
• أن كل أشكال التهجير القسري والعقوبات الجماعية مرفوضة دولياً، وعليها أن تُدان من كافة المؤسسات الدولية.
• أن صمت المجتمع الدولي يُعد تواطؤاً ضمنياً مع الاحتلال.
• أن على الدول العربية والإسلامية، والمجتمع الحقوقي العالمي، أن يرفع صوته عالياً ضد الإبادة، والحصار، والتنكيل وإن التهجير جريمة، والصمت خيانة، والواجب يفرض المقاومة بكافة أشكالها السياسية والقانونية والشعبية.
سابعاً: مصر خط أحمر •• لا حضارة تُسرق، ولا تاريخ يُزوّر
تحاول بعض الجهات الصهيونية الزعم بوجود جذور لليهود في مصر، وتطالب بإعادة ممتلكاتهم أو تعويضهم لكن الحقيقة واضحة وهى :
• الحضارة المصرية ملك لأبنائها وحدهم، لم يكن لليهود فيها دور حضاري أو عمراني.
• التواجد اليهودي في مصر كان في سياقات سياسية وزمنية مؤقتة، ولم يُشكل يوماً عنصراً بنائياً في الدولة.
• الدولة المصرية ترفض هذه المطالب، سياسياً وشعبياً، وتدرك تماماً مغزاها الصهيوني.
مصر ليست ساحة مساومة، ولن تكون بوابة لتمرير الأكاذيب التاريخية.
توصيات مُقترحه لمواجهة المشروع الصهيوني
- دعم الإعلام العربي
• إنتاج محتوى تاريخي موثق بلغات متعددة.
• تفنيد الأكاذيب الصهيونية على كافة المنصات.
- إطلاق دراسات توثيقية وأكاديمية مضادة.
• دعم الأبحاث التاريخية حول الهيكل المزعوم والأهرامات والوجود اليهودي.
• ترجمة الأبحاث وتقديمها دولياً.
- تفعيل المسارات القانونية والدبلوماسية
• رفع قضايا جرائم حرب، تهجير، وتطهير عرقي أمام المحاكم الدولية.
• دعم قرارات اليونسكو حول القدس والمقدسات الاسلاميه والمسيحيه.
- التصدي للتطبيع الثقافي والفكري
• مراقبة المناهج والفعاليات الثقافية، ورفض محاولات الاختراق الصهيوني.
• دعم الثقافة الوطنية المرتبطة بالهوية والحق.
- تنظيم الوقفات المناهضه للمخطط الصهيونى
• تنظيم فعاليات لدعم فلسطين.
• دعم حركة المقاطعة الاقتصادية والثقافية.
- تحصين الهوية الوطنية والحضارية
• تعزيز المناهج التعليمية التي تفضح الزيف الصهيوني.
• تنظيم معارض وندوات ثقافية تُبرز الحقائق التاريخية.
ختاماً: لا تفاوض على التاريخ ولا تفريط في الجغرافيا
إن معركتنا مع المشروع الصهيوني هي معركة وعي وهوية وكرامة ومعركة بين الحق والتزييف، بين الأصل والدخيل، بين المقاومة والاحتلال.
لن نقبل بأن يُسلب تاريخنا، أو نُقصى من جغرافيتنا.
لن نمنح الشرعية لاحتلال غاصب، ولا نسكُت عن ظلممٍ أو تهجير.
فلسطين ليست قضية، بل راية لا تسقط، وعقيدة لا تنكسر، ووعد لا يُنسى.
من القاهرة إلى القدس، من غزة إلى الضفة، ومن المحيط إلى الخليج، سنظل على العهد، رافعين راية الصمود، حتى يُكسر القيد, وتعود الأرض الى أهلها والله غالب على أمره ، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون