ساحة الرأي

محمد حراز يكتب: فيلم بلاعة إدكو

كنت قد آثرت عدم الخوض في قصة “بلاعة إدكو” والتبرك بها، لأَنأَى بنفسي عن تلك الحملة التي رأيت فيها استغلالا فجًا للواقعة، والتى لم استبعد أن يكون هدفها الحقيقى هو تشويه صورة هذه المدينة، أما لماذا؟ فلا أعلم.

ولكن لنفترض أن الحملة الشعواء التى نهشت سمعة تلك المدينة كانت نزيهة صادقة .. فهل نحن من ذلك براء؟!

 ربما كانت البلاعة أمرا واقعا وربما اعترف به الجميع، وبغض النظر عن اختلاف التأويلات حولها، فقد انتهى الأمر الآن وتم ردمها بالإسمنت والخرسانة.

وهنا تبدأ قصتنا فالفضائيات المصرية كلها، بل وبعض القنوات التي يبثها البعض من الخارج تداولت القصة في تسفيه واضح للحدث، ورمي أهلنا هناك بالجهل والانتقاص منهم عن تعمد وقصد لركوب الموجة، وهذا ما نرفضه تماما؛ فالمجتمعات، كل المجتمعات تضم بين طياتها العالم العبقرى والمثقف الواعى والبسيط والغبى والجاهل، فلماذا عممت الحملة وسفهت من وعى أهلنا فى إدكو ..

ألم يكن الأفضل والأكثر نزاهة أن نتساءل .. لماذا لجأ هؤلاء إلى علاج الأمراض الجلدية بالتبرك؟ فهل يتوفر فى مستشفى إدكو العام قسما لعلاج الأمراض الجلدية؟ فإن كانت الإجابة بلا؛ فنحن مقصرون.. وإن كانت الإجابة بنعم؛ فنحن أيضا مقصرون لأننا لم نفتح لهم أبوابا للوعى لتسد فتحات الجهل المتوارى تحت غطاء البَركات.

أرى أن الأجدى والأنفع، إن كانت نوايانا صادقة، أن نبدأ وفوراً بالاهتمام بتطوير قسم الأمراض الجلدية، وباقي الأقسام بالمستشفى، بل والعمل على توفير العلاج اللازم لغير القادرين، ولا أظن أن إخواننا من رجال إدكو الكرماء سيبخلون على إخوانهم بذلك.

محمد حراز يكتب: فيلم بلاعة إدكو

ولن أنزه الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى أيضا عن التقصير.. فأين دورهم فى بناء الوعى؟ أين مؤتمراتهم التوعوية والتثقيفية وأين كانوا من ذلك؟ ولماذا لم يلقوا الضوء عن مثل تلك المشكلات؛ حتى نتناقش فيما بيننا ولا نعطى فرصة لحاقدٍ علينا أو متربص بنا.

ليعذرنى الجميع إن قلت أن قائمة التقصير فى هذا الأمر طويلة جدا؛ فمراكز الشباب التي غابت عن الساحة تماما، وتركت الشباب عرضة للفراغ مقصرة.. وخطباء المساجد وأئمَّتها أيضا مقصرون فهم أصحاب الدور الأهم في توعية المواطنين، وتذكيرهم بصحيح الدين الذى يرفض ذلك بكل تأكيد.

وأخيراً وليس آخرا، أؤكد لأهلنا فى أدكو أنكم لم تصبحوا قلعة لصناعة المنسوجات بجهل وإنما بملكات ووعى اقتصادى متميز .. فلن يضركم أو يقلل من شأنكم دعوات مشبوهة، أو فيديو صُنع ليتم تفسيره على النحو الذى رأيناه .. فمدينتكم العفيَّة، القوية بشبابها، الغنية برجالاتها، المُضاءة بتاريخها، لم ولن يقلل من شأنها شيء ..

HithamZahra

محرر صحفي بموقع الرأي الاخباري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى