ساحة الرأي

نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى”: استفزاز سياسي أم إعلان مشروع استعماري؟

بقلم: لواء / احمد زغلول مهران نائب رئيس حزب المؤتمر رئيس الهيئه العليا للحزب

في تطور خطير ينذر بمزيد من التصعيد والتوتر، جدد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حديثه عن “إسرائيل الكبرى”، في خطوة تعبّر عن عقلية استعمارية توسعية تتحدى كل القوانين والقرارات الدولية، وتضرب أسس الاستقرار في المنطقة.

هذه التصريحات لا يمكن التعامل معها باعتبارها دعاية سياسية محلية أو خطابًا داخليًا، بل هي إعلان واضح عن نوايا عدوانية تهدد دول الجوار، وفي مقدّمتها الدول العربية وهي تفتح الباب أمام خطر حقيقي على السيادة الإقليمية، ما يستدعي ردًا عربيًا موحّدًا يرتقي إلى حجم التهديد.

إسرائيل الكبرى مشروع استيطاني بغطاء سياسي

حديث نتنياهو ليس وليد اللحظة، بل يمثل إعادة إحياء لرؤية صهيونية توسعية تهدف إلى ابتلاع الأرض وطمس الهوية الفلسطينية والعربية، وتكريس واقع جديد بالقوة. ومن الواضح أن هذه التصريحات تأتي بالتزامن مع تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في غزة والضفة الغربية، وجرائم متواصلة بحق الشعب الفلسطيني، واستفزازات متكررة في القدس والمسجد الأقصى.

الخطير أن هذا المشروع لا يقف عند حدود فلسطين، بل يُلمّح إلى أطماع أوسع تمتد إلى دول عربية مجاورة، تحت مسميات دينية وتاريخية زائفة، ما يجعل من هذا التصريح تهديدًا مباشرًا للوطن العربي بأكمله.

مصر صوت العروبة الحاضر في وجه الاحتلال

تاريخ مصر حافل بالمواقف المشرّفة في الدفاع عن القضية الفلسطينية ومواجهة الأطماع الصهيونية. ومنذ نكبة 1948 وحتى اليوم، كانت مصر الدولة التي دفعت دماء أبناءها فداءً للقضية، ووقفت سدًا منيعًا أمام كل محاولات تهويد الأرض وسلب الهوية.

جاء الرد المصري كما عهدته الأمة، حازمًا وواضحًا، ليس فقط رفضًا للتصريحات بل أيضًا قيادة لتحرك عربي شامل يُنهي حالة التشتت ويوحّد الجهود في مواجهة المشروع الاستيطاني.

الوطن العربي بين التحدي والوحدة

تصريحات نتنياهو تكشف الحقيقة التي طالما حاول البعض تجاهلها إسرائيل لا تؤمن بالسلام، ولا ترى في الدول العربية سوى فراغ يمكن ملؤه عبر التوسع والاستيطان والهيمنة.

وهنا تبرز أهمية اللحظة الراهنة، كفرصة لإحياء التضامن العربي وبلورة استراتيجية جماعية واضحة تقوم على:

• إعادة تعريف الأمن القومي العربي على أنه وحدة لا تتجزأ، فأي تهديد لفلسطين أو الأردن أو سوريا هو تهديد لمصر والسعودية والجزائر والمغرب وكل الأمة.

• تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك التي تم تجميدها منذ عقود، والتي آن أوان تفعيلها سياسيًا وإعلاميًا على الأقل.

• توحيد الموقف العربي في المنابر الدولية، وإنهاء حالة التطبيع المنفصل التي تستغلها إسرائيل لتفتيت الموقف العربي وضرب القضية الفلسطينية من الداخل.

• إنشاء لجنة عربية دائمة لمتابعة الانتهاكات الإسرائيلية وتصريحات قادتها، وتقديمها للهيئات الدولية كأدلة على نية ارتكاب جرائم حرب واستعمار إقليمي.

إن العالم العربي، بما يملكه من قوة بشرية، وموارد، وموقع استراتيجي، قادر – إذا ما توحّد – على تشكيل توازن ردع حقيقي في وجه كل تهديد، ومنع تكرار السيناريوهات الاستعمارية تحت أي مسمى.

المجتمع الدولي والصمت المعهود

ما يُثير الغضب أكثر من تصريحات نتنياهو هو ذلك الصمت المطبق من القوى الكبرى، والدول التي طالما ادّعت دعم حقوق الإنسان والدفاع عن القانون الدولي. هذا الصمت يُفسّر على أنه تواطؤ أو شراكة في الجريمة، ويمنح إسرائيل مزيدًا من الغطاء للاستمرار في مشاريعها العدوانية دون محاسبة.

آن الأوان أن يُجبر العالم على سماع الصوت العربي الموحّد، وأن يدرك أن أمن إسرائيل لا يمكن أن يُبنى على أنقاض شعوب المنطقة وحقوقها.

المطلوب الآن تحرّك جماعي لا بيانات موسمية

  1. تحرك مصري وعربي عاجل

بقيادة مصر، يجب دعوة لاجتماع طارئ في الجامعة العربية، يخرج بموقف جماعي صريح يرفض تصريحات نتنياهو ويدينها دوليًا.

  1. إستراتيجية إعلامية عربية موحّدة

لتفنيد رواية “إسرائيل الكبرى”، وكشف نوايا الاحتلال للرأي العام العالمي، لا بد من حملة إعلامية عربية مشتركة تنقل حقيقة المشروع الصهيوني الاستعماري وتعيد فلسطين إلى الواجهة.

  1. تدويل القضية من جديد

التحرك العربي في الأمم المتحدة يجب أن يكون أكثر من مجرد احتجاج، بل تقديم ملفات قانونية لمحكمة العدل الدولية والمطالبة بعقوبات سياسية واقتصادية ضد الاحتلال.

  1. رفض التطبيع المجاني

لابد من مراجعة شاملة لمسار التطبيع العربي، ووقف أي تعاون سياسي أو اقتصادي مع كيان يُعلن صراحةً أنه يسعى للهيمنة والتوسع.

إمّا وحدة عربيه أو اختراق إسرائيلي مستمر

تصريحات نتنياهو الأخيرة لا يجب أن تُواجه بردود فعل فردية أو مؤقتة، بل يجب أن تُشكّل لحظة يقظة حقيقية في التاريخ العربي المعاصر، تعيد ترتيب أولوياتنا وتُحيي وحدة الصف العربي. إن أمن أي دولة عربية لن يتحقق في ظل مشروع صهيوني توسعي لا يعترف بالحدود ولا بالحقوق فإما أن نكون على قدر التحدي، أو نترك مستقبلنا رهينة لرغبات زعماء الاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى