ساحة الرأيفن ومنوعات

محمد حراز يكتب ” الشيطان التائب” الحلقة الأولى

 

انتهى إمام المسجد من قراءة التشهد الثاني فى صلاة العشاء ثم التفت ناحية اليمين وسلم، ثم التفت ناحية اليسار وقال السلام عليكم ورحمة الله، ثم استدار ناحية المصلين وصافح بعضهم في الصف الأول وهُمْ جلوس، وَهمَ المصلون بالخروج فنادى على أحدهم: انتظر ياشهاب، فالتفت شهاب وإذا به شاب بدا أنه في نهاية العشرينات من العُمر، ليس بالطويل ولا بالقصير، شعره يغطي أذنيه، أبيض طويل الأنف، يرتدي أفخم البدل الإيطالية، فقال: نعم يامولانا

إمام المسجد: اقعد ياولدي عايز اتكلم معاك

شهاب متعجبا: وَلدك .. خير يامولانا

إمام المسجد: أنا ملاحظ التزامك معانا ومواظبتك على صلاة الجماعة ماشاء الله، مفيش صلاة إلاَّ وانت في الصف الأول

شهاب: الحمدلله

إمام المسجد: عايز أسألك سؤال

شهاب: اتفضل يامولانا

إمام المسجد: أنا تقريبا أعرف كل الأخوة اللي بيصلوا معايا في المسجد من يوم تعييني هنا، لكن معرفش غير اسمك بس .. انت ابن مين؟

شهاب: عبد من عباد الله

إمام المسجد: كلنا ياولدي عباد لله لكن..

شهاب: بالإذن يامولانا

لاحظ إمام المسجد احمرار وجه شهاب بشدة، كأن أحدهم قذفه بقدر امتلأتِ بالنار، ثم انصرف مثل الريح إلى خارج المسجد..

لاحظ إمام المسجد غياب شهاب وعدم حضوره لصلاة الفجر التي كان يواظب عليها، ولم يعد يراه في المسجد لمدة ثلاثة أيام

 

على أطراف المدينة وأمام قصر شُيدت جدرانه بأعمدة من الرخام يبدو من شكلها أنها من أجود الأنواع في العالم، أمام ذلك القصر توقفت سيارة بيضاء هي الأحدث في عالم السيارات، بمجرد وقوفها فُتِحَ باب القصر لتدخل السيارة إلى مكانها المخصص بحديقة القصر، تلك الحديقة التي تحوى أطرافه الواسعة جميع أشجار الورد التي يعرفها الإنسان والتي لايعرفها، وإذا بعجوز مُطلِقَة شعرها الأبيض كأنها جاءت من سفر بعيد..

أسرع شهاب نحوها وقبل يَديَّها (الشمال) ثم قال: اهلا وسهلا بكِ يا أماه، ماهو سر زيارتك تلك؟

العجوز: ياولدي لم أعد أطيق إبعادك عن إخوتك، وقد لاحظ جدك الأكبر بكائي عليك فهدد بطردي من المملكة إن لم أكف عن البكاء، وأنا لم أعد أتحمل فارجع معي

شهاب: أماه .. من ذاق حلاوة السلام مع النفس كيف يعود لهؤلاء

العجوز: وماذا أقول له عند عودتي إذا ماسألني عنك؟

شهاب: أخبريه بأن شهاب يكفيه مافيه

العجوز: وإذا طردني؟

شهاب: تعيشين معي وتكفيني سؤال الناس عن عائلتي

العجوز: ياولدي لن تطيق معاشرة هؤلاء البشر فهم جنس متقلب .. جنس تركناه لنفسه فكفانا الغواية وكفانا الوسوسة، وربما قاموا هم بغوايتنا

شهاب: سنتعود على المعيشة معهم

العجوز: وماذا عن اخوتك، ألم تشتق إليهم؟

شهاب: لا .. كيف أشتاق وكانوا سببا في طردي وإبعادي عنكم..

العجوز: وهل وجدت عملا مناسبا يُرضي نفسك المتقلبة

شهاب: نعم التحقت بإحدى الجامعات أدرس لهم التاريخ القديم في الحضارة الإنسانية..

إلى اللقاء في الحلقة القادمة

السيد الأعرج

محرر متخصص في تغطية أهم أخبار والأحداث الرياضة محلياً وعالمياً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى