الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين.. بداية التحول أم نهاية الصمت؟

بقلم: اللواء/ أحمد زغلول مهران
مستشار مركز رع للدراسات الاستراتيحية
نائب رئيس حزب المؤتمر – رئيس الهيئه العليا للحزب
أخيراً ، كسرت المملكة المتحدة حاجز الصمت الدولي باتجاه الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، في لحظة سياسية فارقة تعكس قلقاً دولياً متصاعداً من جمود العملية السلمية، وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية، وانهيار الأمل في حل الدولتين، الذي لطالما كان حجر الزاوية لأي تسوية عادلة للصراع العربي – الإسرائيلي.
هذا الاعتراف البريطاني، الذي أتى بعد عقود من التردد، يحمل دلالات استراتيجية بالغة العمق، ليس فقط على المستوى الفلسطيني، بل في السياق الإقليمي والدولي الأوسع فقد أعاد توجيه الأنظار إلى مظلومية شعب يُنكل به تحت الاحتلال، وأعاد طرح سؤال العدالة الدولية في منطقة تتنازعها الصراعات والازدواجية في المعايير.
لقد شكّل القرار صدمة سياسية لإسرائيل، التي وصفته بأنه “مكافأة للإرهاب”، ورفضته بشدة باعتباره تقويضاً لمبدأ المفاوضات المباشرة في المقابل، لاقى ترحيباً واسعاً في العواصم العربية والإسلامية، التي رأت فيه خطوة في الاتجاه الصحيح لاستعادة الحق الفلسطيني، وتفعيل أدوات القانون الدولي لوقف الاستيطان والحصار وتهويد القدس.
القرار البريطاني لن يكون الخطوة الأخيرة إذ تُشير المعطيات إلى أن دولاً غربية أخرى – من بينها فرنسا، والبرتغال، وبلجيكا تتحرك في الاتجاه ذاته، فيما يُتوقع أن تناقش الأمم المتحدة في دورتها المقبلة إمكانية رفع مكانة فلسطين من “عضو مراقب” إلى “عضو كامل” كما قد تشهد أروقة الاتحاد الأوروبي ودول الكومنولث إعادة صياغة المواقف بما يتناسب مع هذا التحول المفاجئ في السياسة البريطانية.
لكنّ أهمية القرار، رغم قوته الرمزية والدبلوماسية، تبقى مرهونة بتفعيله عملياً، وهو ما يفرض تحديات جساماً على الطرف الفلسطيني، تتعلق بإعادة توحيد الجبهة الداخلية، وإصلاح المؤسسات، وبناء الثقة السياسية والأمنية اللازمة لنيل الدعم الدولي الكامل كذلك، فإن الموقف الأمريكي –الذي لا يزال متحفظا ًعلى الاعتراف الأحادي يشكّل تحدياً محورياً ، قد يُبطئ من وتيرة التحرك الدولي، خاصة داخل مجلس الأمن، حيث يُتوقع أن تمارس واشنطن ضغوطا ًللحيلولة دون تمرير أي قرارات ملزمة تنبثق عن هذا الاعتراف.
ورغم هذه التحديات، فإن التحول البريطاني يعكس بوضوح أن القضية الفلسطينية لم تمت، وأن الصراع لن يُدفن ما دامت هناك شعوب تؤمن بعدالة الحقوق، وقوى دولية باتت تدرك أن الانحياز المطلق لم يعد مقبولا ً، وأن تجاهل القضية لم يعد خياراً.
الكرة اليوم في ملعب الفلسطينيين والعرب، والواجب الوطني والقومي يفرض تحويل هذا الزخم إلى فعل سياسي منظم، يستعيد زمام المبادرة في المؤسسات الدولية، ويُجبر إسرائيل على دفع ثمن استمرارها في الاحتلال والتعنت.
إن الاعتراف البريطاني ليس غاية في حد ذاته، بل فرصة نادرة يجب استثمارها لبناء إجماع دولي جديد يُعيد الاعتبار لفلسطين، لا كقضية إنسانية فحسب، بل كحقّ أصيل لدولة حرة ذات سيادة، تستحق أن تأخذ مكانها الكامل على خريطة العالم سيتم من خلال المركز لاحقاً اعداد تقرير تحليلى شامل لهذا القرار التاريخ للتعرف على تداعياته الدوليه والاقليميه