لبنان على مفترق الطرق.. بين سيادة الدولة ومخاوف الانفجار الداخلي

بقلم : لواء / أحمد زغلول مهران
في لحظة حاسمة من تاريخ لبنان السياسي والأمني، أعلنت الحكومة اللبنانية رسميًا بدء إجراءات تجميع سلاح حزب الله، ضمن خطة أوسع تهدف إلى استعادة سيادة الدولة على كامل أراضيها وتنفيذ القرار الأممي 1701. هذه الخطوة تثير جدلًا بين من يرى فيها إنقاذًا للدولة، ومن يخشى أن تكون بداية لصراع داخلي جديد.
موقف حزب الله •• تحذير من فتنة طائفية
رفض حزب الله القرار بشكل قاطع، حيث اعتبره نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم مشروع فتنة طائفية يُلبس ثوب السيادة، محذرًا من أن أي تصعيد داخلي سيكون مسؤولية الحكومة. الحزب يرى أن تجميع سلاحه يخدم مصالح إسرائيل ويهدد ميزان الردع في الجنوب.
في المقابل، عبرت حركة أمل عن قلقها من الخطوة، داعية إلى الحوار الشامل داخل البيت اللبناني دون معارضة صريحة.
الحكومة اللبنانية •• استعادة السيادة وتنفيذ القرار
أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن الدولة لن ترضخ لأي تهديد، وأن الجيش اللبناني وحده سيكون الضامن للأمن في جميع الأراضي اللبنانية. وأوضح أن وجود أي سلاح خارج سلطة الدولة يشكل تهديدًا للسلم الأهلي والاستقرار الإقليمي.
الدعم الإقليمي •• مصر والخليج في المشهد
• مصر: أبدت دعمها القوي، مقدمة دعمًا تقنيًا وعسكريًا للجيش اللبناني، مع التركيز على تفكيك الأنفاق ومكافحة العبوات في الجنوب. كما دعت إلى تنفيذ القرار بالحوار لتجنب التصعيد.
• الخليج العربي: أبدى دعمًا مشروطًا للاستقرار، حيث جددت قطر منحها بقيمة 60 مليون دولار وقدمت مركبات عسكرية لتعزيز قدرات الجيش. أما السعودية والإمارات، فقد ربطتا دعم لبنان الاقتصادي بمدى التزام الحكومة بالإصلاحات ومحاربة الفساد.
الموقف الإيراني والدولي
أدانت إيران القرار واعتبرته انحرافًا عن نهج المقاومة، مشيرة إلى أن حزب الله هو الدرع الحقيقي للبنان، وحذرت من مخاطر النزاع الداخلي في حال فرض القرار بالقوة.
على الصعيد الدولي، دعمت الولايات المتحدة وفرنسا الخطوة اللبنانية، مع تأكيد ضرورة عدم وجود سلاح خارج سلطة الدولة، فيما أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للمساهمة في مراقبة الحدود الجنوبية.
إسرائيل •• ترقّب وتكثيف الضغط
تراقب إسرائيل الخطوة اللبنانية عن كثب، معتبرة إياها فرصة لتقويض قوة حزب الله، مع استمرار التصعيد العسكري في الجنوب. كما تطالب بتنفيذ القرار الكامل تحت رقابة دولية.
هل نحن أمام حرب أهلية جديدة؟
القلق من انفجار الوضع الداخلي يزداد مع التحذيرات المتكررة من حزب الله، لا سيما في ظل التوترات الطائفية وتعدد مراكز القوى. ويرى مراقبون أن فرض القرار بالقوة قد يؤدي إلى انزلاق خطير ما لم يصاحبه توافق سياسي واسع.
أبرز التحديات
1. رفض حزب الله تسليم سلاحه بشكل كامل.
2. الانقسامات الداخلية حول طبيعة القرار.
3. غياب الثقة بين الأطراف، خصوصًا بين الدولة والحزب.
4. خطر التصعيد العسكري الإسرائيلي.
5. الخوف من انهيار التوازن الطائفي.
6. ضغوط اقتصادية خانقة قد تعرقل أي جهد أمني.
7. التدخلات الخارجية، خاصة الإيرانية.
8. الانقسامات الطائفية داخل الجيش اللبناني.
التوصيات والمقترحات
• تشكيل هيئة وطنية للمصالحة ونزع السلاح بمشاركة جميع الطوائف.
• ضمانات دولية وإقليمية لعدم استغلال القرار لتأجيج النزاع.
• دعم مباشر للجيش اللبناني بالمعدات والتدريب من الدول الداعمة.
• عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار لبنان مقابل تنفيذ خطة نزع السلاح ليكون تحت سيطرت الدولة.
• إشراك حزب الله في الحوار الوطني مع تقديم جدول زمني لنزع السلاح.
• توسيع دور قوات اليونيفيل التابعه للأمم المتحدة في تهيئة حدود جنوبية آمنة.
ختامًا
يظل لبنان بحاجة إلى إرادة سياسية جامعة، وقوة أمنية موحدة، ودعم عربي صادق، يعيده إلى خارطة الدول ذات السيادة الفعلية. القرار بتجميع السلاح هو خطوة البداية، لكن المسار ما زال طويلاً ومعقدًا، فهل سيكون جسرًا نحو دولة حقيقية أم شرارة لحرب أهلية جديدة