موسوعة “المشروع الصهيوني.. التاريخ، الاحتلال، والمواجهة” | الباب الثاني: النكبة والاحتلال – التهجير، المجازر، وتدمير المجتمع الفلسطيني

بقلم: اللواء / أحمد زغلول مهران
أمين عام المركز الدولي لعلوم الأهرامات وأخلاقيات العلم
الفصل الأول: تمهيد في الذاكرة والواقع
النكبة الفلسطينية ليست صفحة طُويت من التاريخ، بل جرح مفتوح في جسد الأمة العربية. إنها ليست مجرد حدث وقع عام 1948، بل مشروع استعماري عنصري ممتد حتى يومنا هذا، يستهدف الأرض والإنسان والذاكرة والوعي ولم تكن الجرائم الصهيونية لحظة انفجار عشوائية، بل ثمرة تخطيط دقيق، شاركت فيه قوى استعمارية دولية، وعملت على تنفيذه منظمات صهيونية مسلحة، صنعت إسرائيل بدماء الفلسطينيين وأنقاض حضارتهم الكنعانية.
الفصل الثاني: خطة دالت – الجريمة المُعلنة
2.1 – في مارس 1948، وضعت منظمة الهاجاناه الصهيونية ما سُمّي بخطة دالت , كخطة عسكرية شاملة تهدف إلى السيطرة على الأرض الفلسطينية وتهجير أهلها.
2.2 – نصّت الخطة على تطويق القرى، ونسف المنازل، وطرد السكان، وقتل من يقاوم ،وبدأ تنفيذها حتى قبل انسحاب القوات البريطانية من فلسطين.
2.3 – هذه الخطة لم تكن رد فعل على الحرب، بل كانت هي الحرب ذاتها، وكان هدفها واضحاً وهو طرد الأغلبية الفلسطينية وفرض واقع ديموجرافي جديد بالقوة.
الفصل الثالث: المجازر الجماعية – إرهاب الدم
3.1 – في فجر يوم 9 أبريل 1948، وقعت واحدة من أبشع المجازر في تاريخ البشرية: مجزرة دير ياسين، التي راح ضحيتها أكثر من 250 شهيداً، بينهم نساء حوامل وأطفال تم ذبحهم، وتم التمثيل بجثثهم، لإرهاب ما تبقّى من الفلسطينيين ودفعهم للفرار.
3.2 – تكررت المجازر بوتيرة متسارعة:
• مجزرة الطنطوره (200 شهيد)
• مجزرة الدوايمة (أكثر من 500 شهيد)
• مجزرة بلد الشيخ، كفر قاسم، اللد، الرملة
• عشرات القرى أُبيدت عن بكرة أبيها، وتم تهجير أهلها بعد قتل القيادات المحلية.
3.3 – هذه المجازر لم تكن انحرافات فردية، بل سياسة رسمية، وحملات منظمة لإفراغ الأرض، وتفكيك المجتمع الفلسطيني.
الفصل الرابع: التهجير القسري – نكبة وطن
4.1 – بين عامي 1947 و1949، تم تهجير أكثر من 800,000 فلسطيني من منازلهم، وتحويلهم إلى لاجئين في الداخل والخارج – هذا ما تسعى اليه اسرائيل بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذه مع سكان قطاع غزه كمرحله أولى وسكان الضفه الغربيه والقدس كمرحله ثانيه وعرب ٤٨ فى باقى إنهاء الأرضى المحتله كمرحله اخيره لإنشاء الدوله اليهوديه المزعومه التى ينادى بها اليهود المتشددين بمساندة حكومة نتانياهو – هدف لإقامة اسرائيل الكبرى
4.2 – أكثر من 400 قرية فلسطينية تم تدميرها بالكامل، وسُويت بالأرض، وتم إنشاء مستوطنات يهودية على أنقاضها.
4.3 – لم يُسمح لأي لاجئ فلسطيني بالعودة رغم صدور قرار الأمم المتحدة رقم 194 ( حق العوده )بينما سُمح لأي يهودي من أي مكان في العالم بالحصول على الجنسية الإسرائيلية فور وصوله.
4.4 – صادرت إسرائيل ممتلكات اللاجئين بموجب قانون أملاك الغائبين ، واستولت على أراضيهم وثرواتهم الطبيعية، ومحت أسمائهم من السجلات.
الفصل الخامس: تدمير المجتمع الفلسطيني – محو الوجود الفلسطيني وليس الارض فقط
5.1 – استهدفت النكبة ليس فقط الأرض، بل ركائز المجتمع الفلسطيني: المدارس، المساجد، الأسواق، النقابات، الصحف، الأدباء، المعلمين، وكل ما يرمز للهوية والنهضة.
5.2 – جرى تفكيك بنية المجتمع قسراً:
• القضاء على النخبة المثقفه
• تجفيف الحياة الاقتصادية
• فرض الوصاية العسكرية على كل من تبقّى داخل فلسطين
5.3 – عمل الاحتلال على إعادة صياغة وعي الفلسطينيين الباقين داخل الخط الأخضر، عبر التعليم والمناهج والإعلام، لتشويه التاريخ وتزييف الجغرافيا.
الفصل السادس: اغتيال الرموز – ضرب الرأس قبل الجسد
6.1 – اتّبع الاحتلال سياسة استهداف الرموز الوطنية والمثقفين والعلماء وقادة المقاومة، لإضعاف بنية الوعي والقيادة.
6.2 – أبرز من تم اغتيالهم:
• خليل الوزير (أبو جهاد) – تونس، 1988
• صلاح خلف (أبو إياد) – تونس، 1991
• فتحي الشقاقي – مالطا، 1995
• غسان كنفاني – بيروت، 1972
• ناجي العلي – لندن، 1987
• محمود المبحوح – دبي، 2010
• صالح العاروري – بيروت، 2024
• مروان عيسى – غزة، 2024
• أبو عبيدة – تم استهدافه في اغسطس 2025 بغزه
• خليل الحية – نجا من محاولة اغتيال في قطر، استُشهد نجله ومدير مكتبه فى 9 سبتمبر 2025
مروراً بخالد مشعل وأحمد ياسين والرنتيسى واسماعيل هنيه قيادات حماس
6.3 – كما طالت عمليات الموساد علماء عرباً، خاصة المصريين:
• الدكتور سمير نجيب – عالم ذرة مصري، قُتل في لندن
• علماء مصريون شاركوا في برامج التسليح خلال الستينيات والسبعينيات من العقد المنصرم
• شخصيات امنيه كانوا على تماس مباشر بالقضية الفلسطينية
الفصل السابع: الحرب على الكلمة – استهداف الإعلام الحر
7.1 – رأى الاحتلال في الصحفيين شهوداً خطيرين، وفي الكاميرا عدواً قاتلاً، فاستهدف الإعلام بنفس شراسة استهداف المقاومة.
7.2 – قُتل أكثر من 160 صحفياً منذ بداية عدوان 2023، من أبرزهم الصحفي أنس الشريف (مراسل الجزيرة)، وتم تدمير مقار قنوات، واغتيال مراسلين في الميدان.
7.3 – دمّر الاحتلال الأرشيف الإعلامي الفلسطيني، واستهدف حتى مؤسسات أجنبية، كمكتب أسوشيتد برس و كثير من القنوات الفضائيه في غزة.
الفصل الثامن: النكبة المستمرة – من اللجوء إلى الحصار
8.1 – غزة المحاصرة منذ 2007، تمثّل النكبة الحيّة ،حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت الحصار، والفقر، والعدوان المتكرر.
8.2 – العدوان الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 وحتى سبتمبر 2025 أسفر عن استشهاد أكثر من 62,000 الف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وتم تدمير كامل البنية التحتية للقطاع تقريباً.
8.3 – يعيش ابناء غزه اليوم في ظروف لاإنسانية، في خيام أو تحت الأنقاض، دون ماء أو غذاء أو دواء أو كهرباء، بينما تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في القصف اليومي، دون رادع دولي.
الفصل التاسع: النكبة كصراع وجود لا حدود
إن النكبة ليست مأساة الماضي، بل صدمة الحاضر، وتحدّي المستقبل.
هي ليست حدثاً تاريخياً نحيي ذكراه كل عام، بل عدوان متجدد على شعب أعزل يُحاصَر ويُقتل ويُغتال ويُطارد حتى في الشتات.
إن ما يميّز المشروع الصهيوني هو أنه لا يكتفي باحتلال الأرض، بل يلاحق الإنسان الفلسطيني أينما كان في قلب بيروت، في شوارع لندن، في شواطئ مالطا، فى الدوحه ، فى اليمن ، فى سوريا ، وفي أزقة غزة.
وما كان للاحتلال أن يستمر لولا شبكة التواطؤ الدولي، والدعم الغربي ، والتطبيع الذي بات يُفرض كأمر واقع.
لكن رغم كل ذلك، بقي الفلسطيني، رماداً مشتعلاً لا ينطفئ، وأملاً لا ينكسر، ومقاوماً لا يستسلم ، وشهيداً لا يُبالى
الفصل العاشر: من النكبة إلى العنصرية المُقنّنة
تمهيد للباب الثالث – إسرائيل كدولة عنصرية
بعد أن رصدنا في هذا الباب مشاهد النكبة من مجازر وتهجير وإبادة للهوية الفلسطينية، يتجلّى أمامنا تطوّر أكثر خطورة وأشد خبثاً:
تحوّل الاحتلال من سلاح مباشر إلى منظومة قانونية عنصرية متكاملة.
إن الكيان الصهيوني، الذي تأسس على الدم والتطهير العرقي، لم يكتفِ بطرد السكان الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم، بل سعى لاحقاً إلى شرعنة التمييز والفصل العنصري بقوانين وسياسات رسمية تستهدف الإنسان الفلسطيني لمجرد كونه غير يهودي.
وفي هذا السياق، يفرض علينا الواقع أن نتوقف عند مصطلح أصبح لصيقاً بطبيعة الكيان الإسرائيلي:
“الأبارتهايد” ماهو وما تعريفه ؟
“الأبارتهايد” كلمة مشتقه من اللكنات الافريقيه تعني “الفصل” أو “الانعزال”، وقد استخدمت لوصف النظام العنصري الذي حَكم جنوب أفريقيا حتى أوائل التسعينيات، والذي ميّز قانونياً بين البيض والسود، ومنح الأول امتيازات سياسية واقتصادية كاملة، في مقابل قمع الأغلبية السوداء وتجريدها من حقوقها الأساسية.
وفقاً للقانون الدولي – وتحديداً نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المادة 7) – يُعرّف الأبارتهايد بأنه:
“نظام قمع وهيمنة منهجي من جماعة عرقية على أخرى، يتم عبر أفعال غير إنسانية تُرتكب في إطار نظام مؤسسي بغرض الإبقاء على هذا التمييز”
واليوم، تتفق منظمات حقوقية كبرى – مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية – على أن ما تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين يُشكّل أبارتهايد مكتمل الأركان.
كيف يُمارس الأبارتهايد في فلسطين؟
إن إسرائيل لم تكتفِ بالاحتلال العسكري، بل أنشأت نظاماً قانونياً مزدوجاً يُعامل السكان على أساس الانتماء الديني والعرقي:
• اليهود يتمتعون بكل الحقوق، بينما يُعامل الفلسطيني – سواء في الداخل أو في الضفة الغربية – كمواطن من الدرجة الثانية، أو لا مواطن على الإطلاق.
• في الضفة الغربية، يُحاكم الفلسطيني أمام محاكم عسكرية، بينما يُحاكم المستوطن اليهودي أمام محكمة مدنية، على نفس الأرض وتحت نفس “السيادة ”.
• قانون “العودة” يمنح أي يهودي حول العالم حق الهجرة والجنسية فوراً، بينما يُمنع اللاجئ الفلسطيني من العودة إلى بيته، حتى لو امتلك أوراقه ومفاتيحه.
• قانون “القومية” الذي أُقر عام 2018، ينص صراحة على أن “إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي فقط”، مما يعني تجريد أكثر من مليون ونصف فلسطيني داخل أراضي 48 من أي اعتراف بوجودهم كمواطنين أصليين.
• الفصل في التعليم، السكن، الصحة، الخدمات، والتمثيل السياسي بات واضحاً وفجّاً، يُمارس علنا ًداخل المدن المختلطة والبلدات الفلسطينية المحاصرة داخل الخط الأخضر.
نحو الباب الثالث: إسرائيل كدولة فصل عنصري
من هنا، ندخل إلى الباب الثالث من هذه الموسوعة، حيث لا نكتفي بتوصيف الممارسات، بل نذهب إلى تفكيك البنية العنصرية القانونية والمؤسسية التي قامت عليها دولة الاحتلال، لنثبت بالأدلة أن إسرائيل ليست فقط دولة احتلال، بل دولة تُدار وفق نظام أبارتهايد رسمي وممنهج.
سنجيب على أسئلة جوهرية:
• كيف بُنيت القوانين الإسرائيلية لخدمة “يهودية الدولة” على حساب حقوق الأغلبية الفلسطينية؟
• كيف يُكرّس نظام التعليم والعمل والسكن لمبدأ التمييز العرقي؟
• كيف أصبح الفلسطيني مواطناً مُهمّشاً حتى داخل أرضه؟
• ولماذا بدأ العالم أخيراً – وإن متأخراً – في تسمية إسرائيل بما هي عليه فعلاً: دولة فصل عنصري
في الباب الثالث، ستجد نفسك أمام حقائق موثقة، ومقارنات صارخة، وأدلة دامغة تكشف الوجه الحقيقي لما يُروَّج له كواحة ديمقراطية في الشرق الأوسط.
سنرى ايضاً أن إسرائيل كدولة عنصرية – السياسات، القوانين، والتمييز
لنبدأ معاً مرحلة جديدة من تفكيك هذا المشروع الاستيطاني، لا من خلال البندقية فقط، بل عبر فهم الأدوات القانونية والفكرية التي يُدار بها هذا الاحتلال، والتي لا تقل خطراً عن الرصاص.







