موسوعة “المشروع الصهيوني.. التاريخ، الاحتلال، المواجهة” | الباب الرابع: آلة الاغتيالات الصهيونية – استهداف القادة والعلماء والمفكرين

بقلم: لواء/ د. أحمد زغلول مهران
عضو الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجيه
رئيس مركز دعم الابداع والابتكار والوعى المجتمعى
مقدمة الباب الرابع
في سجلّ الأنظمة القمعية عبر التاريخ نادراً ما نجد دولة استخدمت الاغتيال كأداة رسمية وعلنية من أدوات سياستها الخارجية والداخلية كما تفعل إسرائيل فالاغتيال في العقل الاستراتيجي الصهيوني ليس فقط أداة تصفية جسدية بل هو وسيلة لإرهاب الفكر وقطع الطريق على أي تطور في القدرات العربية والإسلامية سواء كانت عسكرية أو علمية أو فكرية منذ تأسيس الكيان الصهيوني ارتبطت آلة الاغتيالات بالموساد و وحده المهام الخاصة وامتدت يدها إلى عشرات الدول مستهدفة القادة الفلسطينيين والجنرالات وعلماء الذرة وحتى الأدباء والمفكرين الذين شكّلوا تهديداً على المشروع الصهيوني في مراحله المختلفة وقد تطورت أساليب الاغتيال من عمليات تصفية مباشرة عبر إطلاق الرصاص إلى تفجيرات فاختراقات إلكترونية وتسميم وحتى استخدام تقنيات التشويش والاختراق الرقمي في القرن الحادي والعشرين كل ذلك يتم تحت مظلة صمت دولي بل في أحيان كثيرة بدعم استخباراتي أمريكي أو أوروبي مباشر .
في هذا الباب سنفكك بنية آلة القتل الصهيونية من حيث آليات العمل الهيكل التنظيمي ونماذج الاغتيالات والأسباب المستهدفة والدلالات الاستراتيجية كما سنعرض جداول توثيقية بأشهر الاغتيالات التي قام بها الموساد ضد العرب والمسلمين .
الفصل الأول : الفكر الصهيوني وأيديولوجية التصفية
1-1.القتل كمنهج راسخ في العقيدة الصهيونية
الاغتيال في الفكر الصهيوني ليس جريمة أو استثناء بل أداة مبررة تُعتبر “حقاً وقائياً” وفق عقيدة الحرب الاستباقية يرى الصهاينة أن قتل القادة أو المفكرين أو العلماء الذين يمكن أن يساهموا في بناء مشروع وطني عربي أو مقاوم هو عمل مشروع بل واجب وطني وقد صرّح بذلك أكثر من مسؤول إسرائيلي .
1-2.التأسيس الأول – العصابات الصهيونية والنهج الإرهابي
قبل قيام دولة إسرائيل مارست عصابات الهاجاناه وشتيرن والإرجون الاغتيالات ضد المسؤولين البريطانيين والمعارضين اليهود والعرب وكانت هذه العمليات نموذجاً مبكراً لما سيكون لاحقاً“مدرسة اغتيال رسمية” تأسست في جهاز الموساد بعد إعلان الدولة عام 1948 .
الفصل الثاني : الموساد – الذراع الطويلة للاغتيال
2-1.التأسيس والمهام
الموساد (اختصار المخابرات والمهام الخاصة) تأسس عام 1949 كجهاز مسؤول عن العمليات الخارجية وجمع المعلوماتوتنفيذ العمليات السرية وأبرزها :
الاغتيالات السياسية والعلميه .
2-2.وحدة كيدون – فرقة الاغتيالات المحترفة
وحدة كيدون وتعني السيف أو الرمح وهي المسؤولة عن تنفيذ عمليات التصفية وهي وحدة سريّة النشأة يتلقى أفرادها تدريبات عالية على التنكر والاختراق والاغتيال والفرار أوالهروب دون ترك أثر .
2-3.آليات العمل
• المراقبة الدقيقة لسنوات قبل التنفيذ .
• اختراق دوائر الحماية والدوائر الاجتماعية للهدف .
• استخدام عملاء محليين أو من جنسيات متعددة .
• تنفيذ الاغتيال غالباً في دول أخرى لتفادي المساءلة .
الفصل الثالث : أبرز عمليات اغتيال القادة السياسيين والعسكريين
3-1.خليل الوزير (أبو جهاد) – تونس 1988
نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح اغتيل في تونس على يد وحدة كوماندوز إسرائيلية بمشاركة الموساد تم اختراق مقره وقتله بـ70 رصاصة أمام زوجته .
3-2.فتحي الشقاقي – مالطا 1995
مؤسس حركة الجهاد الإسلامي اغتيل على يد عملاء الموساد في عملية دقيقة جداً أثناء عودته من ليبيا بعد حضوره مؤتمر دعم للقضية الفلسطينية أُطلقت عليه الرصاصات أمام فندقه في وضح النهار .
3-3.عماد مغنية – دمشق 2008
القائد العسكري لحزب الله اللبنانوالمسؤول عن عدة عمليات ضد الاحتلال اغتيل بتفجير سيارة مفخخة في أحد أحياء دمشق في عملية قالت تقارير إنها نُفذت بتنسيق بين الموساد ووكالة الاستخبارات الأمريكية CIA .
3-4.محمد الزواري – تونس 2016
مهندس طائرات بدون طيار من حركة حماس وعضو في كتائب القسام اغتيل بـ20 رصاصة أمام منزله في صفاقس بتونس كانت عملية استخباراتية احترافية لم تُكشف خيوطها الكاملة حتى اليوم .
الفصل الرابع : استهداف العلماء – حرب على العقول
4-1.علماء الذرة العراقيين – الثمانينات والتسعينات
استُهدف عدد من علماء الذرة العراقيين بعد الاجتياح الأمريكي للعراق ويُعتقد أن الموساد قام بعمليات تصفية ممنهجة منها حوادث سير غامضة وانفجارات وعمليات اختطاف .
4-2.العلماء المصريون
من أبرز الحالات :
• الدكتور سمير نجيب
عالم مصري في الفيزياء الذرية توفي في حادث سيارة غامض بالولايات المتحدة عام 1967 .
• الدكتور يحيى المشد
عالم نووي مصري اغتيل في باريس عام 1980 أثناء عمله على البرنامج النووي العراقي طُعن في غرفته بالفندق ولم يُحدد القاتل رسمياً .
4-3.إيران – مسلسل طويل من الاغتيالات
تم اغتيال أكثر من 5 علماء نوويين إيرانيين بين 2010 و2020 بينهم :
• محسن فخري زاده
العقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني اغتيل في طهران عام 2020 في عملية شديدة التعقيد باستخدام سلاح متطور .
الفصل الخامس : الاغتيال الثقافي – استهداف المفكرين والإعلاميين
5-1.غسان كنفاني – بيروت 1972
كاتب فلسطيني وناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اغتيل بتفجير سيارته أمام منزله في بيروت لم يكن كنفاني قائداً عسكرياً بل مفكراً وقلماً مؤثراً ما يُظهر أن الفكر المقاوم كان هدفاً صريحاً للاغتيال .
5-2.ناجي العلي – لندن 1987
رسام الكاريكاتير الفلسطينى صاحب شخصية “حنظلة” اغتيل في لندن بإطلاق رصاصة في رأسه بعد سلسلة تهديدات حتى اليوم يُعد مقتله لغزاً استخباراتياً رغم الاتهامات الموجهة للموساد .
الفصل السادس : دلالات استراتيجية ومآلات مستقبلية
6-1. الاغتيال كاستراتيجية لا كأداة طارئة
من خلال تتبّع مئات العمليات التي نفّذها الموساد ووحدات القتل التابعة له يتّضح أن الاغتيال ليس مجرد وسيلة مؤقتة أو رد فعل بل هو ركيزة أساسية في عقيدة الأمن القومي الصهيوني إنّ استهداف المفكرين والعلماء والقادة يعكس فلسفة عميقة قائمة على اجتثاث مصادر القوة قبل أن تتجذر وتكريس مبدأ الضربة الاستباقية على جميع المستويات (الأمنية والعسكرية والعلمية والثقافية)
6-2. التأثير على موازين الصراع العربي – الصهيوني
نجحت آلة الاغتيالات في بعض المحطات التاريخية في إرباك مسار المقاومة أو تأخير برامج علمية وعسكرية عربية إلا أن ذلك لم يؤدِّ إلى القضاء على هذه المسارات ففي كل مرة كانت المقاومة تُعيد إنتاج نفسها بقيادات جديدة وخبرات بديلة بل وأحياناً بتطوير تكتيكات جديدة كرد فعل مباشر على عمليات الاغتيال .
6-3. صمت المجتمع الدولي – شراكة غير معلنة
إن التواطؤ الدولي مع الاغتيالات الصهيونية أو تجاهلها وخصوصاً من قِبل القوى الغربية الكبرى يعكس وجود شراكة ضمنية في بعض العمليات أو على الأقل غضّ الطرف المتعمَّد عن الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي فقتل العلماء على أراضي أجنبية وتفجير سيارات واستخدام جوازات سفر مزورة كلها أمور لم تُقابل بإدانات مؤثرة أو عقوبات جدية .
6-4. الردع مقابل التصعيد – جدلية قائمة
في مقابل كل عملية اغتيال تولد أسئلة حول جدوى الرد العربي أو الإسلامي فبين من يطالب بالردّ النوعي ومن يلتزم بضبط النفس الاستراتيجي ظلت الردود محدودة غالباً ما شجّع إسرائيل على الاستمرار في هذه السياسة لكن تجارب مثل رد حزب الله على اغتيال مغنية أو التهديد الإيراني بعد اغتيال فخري زاده تُظهر أن الكلفة السياسية والأمنية بدأت تتصاعد مما قد يعيد رسم حدود اللعبة .
6-5. آفاق المواجهة – من الوعي إلى الردّ الاستراتيجي
لعل أبرز ما تكشفه سياسة الاغتيالات هو مدى خوف الكيان الصهيوني من التقدّم العربي في المجالات الحساسة وهذا يتطلب :
• رفع مستوى الحماية الأمنية والعلمية للخبرات الوطنية .
• بناء عقيدة ردع تتجاوز الشعارات إلى فعل منظم ومدروس .
• توثيق الجرائم وتدويلها قانونياً لتشكيل رأي عام دولي رافض لهذه الممارسات .
إن مواجهة آلة القتل الصهيونية لا تتم فقط بالردّ الأمني بل أيضاً ببناء جبهة وعي متماسكة تدرك أن العقل المقاوم والعلم المستقل هما الهدفان الأكبران للاحتلال .
الفصل السابع : آليات الاستخبارات – كيف تُنفَّذ الاغتيالات
7‑1.مصادر المعلومات وجهاز الاستخبارات
في قلب كل عملية اغتيال إسرائيلية ناجحة توجد منظومة استخبارات متعددة الغرف :
بيانات بشرية (HUMINT) واعتراض اتصالات ورصد إلكتروني (SIGINT) والتعاون مع وكالات استخبارات أجنبية وأحياناً عملاء مزدوجون
الموساد والشاباك وآمان وأحياناً معونة من دول غربية تجمع هذه المعلومات حول الهدف (موقعه وتحركاته وعلاقاته وبنيته الأمنية) غالباً تُستغرق سنوات من الرصد قبل اتخاذ قرار التنفيذ .
7‑2.اختيار الزمن والمكان والوسيلة
الاغتيال لا ينفذ عشوائيًا هناك اعتبارات :
• الزمن: وقت خروج الهدف من مكان مأمون أو في تحركة بين مواقع أو أثناء الحركة اليومية .
• المكان: دولة ثالثة غالباً تُستخدم لتقليل الخطر السياسي والدبلوماسي الفنادق والسيارات والطرق العامة لكنها مراقبة مسبقة .
• الوسيلة: من إطلاق نار مباشر إلى تفجير سيارات مفخخة أو قصف جوي دقيق أو حتى تفجيرات مجهولة المصدر أو استخدام السموم أو الأجهزة المفخخه .
7‑3.تقنية الإخفاء والتستر القانوني
للحفاظ على التعتيم الدولي تستعمل إسرائيل العديد من الوسائل المستتره :
• استخدام هويات مزورة أو جوازات سفر أجنبية .
• تشغيل عملاء محليين أو أشخاص من جنسيات متعددة ليتبنوا الهوية المناسبة ط
• استخدام وسائل النقل المدني والتنكر وحتى طائرات بدون طيار من دول ثالثة أو استخدام شركات تغطية .
• تبرير عملياتها بأنها ضرب وقائي ضد تهديدات أمنية أو بأنها استهداف لإرهابيين ما يخلق غطاءً قانونياً أو سياسياً .
7‑4.التنسيق الدبلوماسي والاستخباراتي مع الدول الحليفة
إسرائيل لم تكن تعمل بمعزل في كثير من العمليات الكبرى :
• تبادل معلومات مع وكالات غربية سواء في تحليل الاتصالات أو تحديد المواقع .
• استخدام قواعد عسكرية أو استخباراتية دولية كمواقع لاطلاق الطائرات أو الرصد .
• الاستفادة من التغطية السياسية الغربية بعد تنفيذ العملية لمنع المساءلة الدولية .
7‑5.الأخطاء والانكشاف
بالرغم من الاحترافية الفائقة فإن بعض العمليات لم تكلل بالنجاح أو تم كشفها :
• عملية اغتيال خالد مشعل عام 1997 فشلت جزئياً عندما تعرفت الأجهزة الأمنية الأردنية على منفذيها واضطرت إسرائيل لإرسال علاج للسم لإنقاذه .
• اغتيال محمود المبحوح في دبي حيث ظهرت صور المشتبه بهم وأثار التحقيقات تفاصيل الوسائل المستخدمة .
• تسريبات عن التعاون الاستخباراتي الغربي تمنح مؤشرات عن المسائلة المحتملة إن توفرت الإرادة الدولية . 
7‑6.التطور التكنولوجي والأساليب المعاصرة
في السنوات الأخيرة أصبحت أساليب الاغتيال أكثر تطوراً :
• طائرات بدون طيار صواريخ دقيقة أجهزة تتبع واستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وتقليل نسبة الخطأ . 
• عمليات سيبرانيه مهمة واستخباراتية إلكترونية وتزوير وثائق واختراق الكتروني كمرحلة تحضيرية .
• استهداف تَشكيلات القيادة في أماكن مختلطة مدنياً – عسكرياً لإحداث تأثير أكبر لكن ايضاً لخلق ردود فعل تخوف دولي .
الفصل الثامن : التداعيات الإقليمية والدولية
8‑1.الأثر على التوازن العسكري والسياسي في الشرق الأوسط
اغتيالات القادة والعلماء تؤثر على :
• قدرات الفصائل: مقتل شخصيه ذات تأثير يعقِد عمل المقاومة لبضعة أشهر لكنه لا يُزيل الفكرة أو المشروع .
• التوازن الاستراتيجي مع إيران وحلفائها: بالتزامن مع اغتيالات العلماء الإيرانيين تزايد التوتر وانتقلت المعركة إلى بعد تجسسي وتقني .
• ردود الفعل العسكرية: تصعيد دوري وعمليات مضادة وإطلاق صواريخ وتدمير أهداف إسرائيلية كقيادت الإدارات الأمنية ما يجعل كل اغتيال قابلاً للتصعيد .
8‑2.الاعتبار القانوني وحقوق الإنسان
• تقارير حقوقية دولية تُدين الاغتيالات كقتل خارج إطار القانون وتنادي بالمساءلة .
• هناك جدل حول ما إذا كانت هذه العمليات تنسجم مع حق الدفاع الشرعي أم أنها انتهاك للقانون الدولي خصوصاً إن كانت تستهدف مدنيين أو تشكل ضرراً مدنياً كبيراً .
• الاتفاقيات الدولية تُعرّف الاغتيال خارج القضاء بأنه جريمة .
8‑3.الغطاء الدبلوماسي والسياسي
• إسرائيل غالباً ما تجد تأييداً ضمنياً أو صمتاً من الدول الغربية حتى عند كشف تفاصيل اغتيالات مثيرة للجدل .
• مواقف حكومية مرتبكة: بعضها تندد لكنها لا تحمّل مسؤولية مباشرة وبعضها يسمح بتبريرها تحت ذريعة مكافحة الإرهاب .
• الإعلام الدولي يتفاوت بين التغطية النقدية وتغطية تدعم الرواية الأمنية الإسرائيلية .
8‑4.المقاومة كمعادلة رد الفعل
• الفصائل الفلسطينية وغيرها طورت أساليب للرد ليست فقط عسكرية بل سياسية وحقوقية وإعلامية .
• استثمار دماء القادة في بناء الأساطير للمقاوِمة وتحريك الرأي العام وتحفيز التضامن الدولي .
• استخدام المحاكم الدولية والاساليب القانونية كي يوثِّق ما قُتل وما يُرتكب من انتهاكات .
8‑5: التأثير على الرأي العام الدولي
• معظم العالم العربي والإسلامي اصبح يعرف تفاصيل هذه العمليا ما أدى إلى اجتهادات حقوقية فضلاً عن الدعم المتنامي لحركة المقاطعة والعزلة الدبلوماسية لإسرائيل .
• لكن هناك مقاومة من وسائل الإعلام الغربية التي غالباً ما تُقصّر في تغطية البُعد القانوني أو المعنوي – تركز على الجانب الأمني وتبرير “مكافحة الإرهاب”.
ملخص استراتيجي وتحليل شامل للباب الرابع
من خلال ما ورد في هذا الباب – من نماذج الاغتيالات والآليات والتداعيات وردود الفعل – تتضح الصورة الآتية :
1. الاغتيال هو خيار استراتيجي ثابت في المشروع الصهيوني ليس مجرد فعل نتيجة للأحداث الأمنية بل جزء مركزي من السياسات التي تهدف إلى تفكيك القدرة الوطنية والمقاومة في خصومه على المستويات العسكرية والعلمية والثقافية والفكرية .
2. القوة الاستخباراتية التكنولوجية لدى إسرائيل تُتيح لها تنفيذ عمليات تفوق قدرتها العسكرية أحياناً عبر اختراق المعلومات والتسلل وتتبع وتحليل البيانات مما يجعل الهدف ملموساً ويمكن ضربه حتى وإن كان مختبئاً في دول بعيدة .
3. الردود لا تلغي الضرر لكنها تكسر الصور الأمنية المطلقة فكل اغتيال له تكلفة سياسية وعسكرية وإعلامية وجيهه ويُولّد مقاومة ووعياً دولياً ويُشكّل ورقة ضغط على إسرائيل في المحافل الحقوقية والقانونية .
4. المعركة القانونية والأخلاقية عنصر لا يُستهان به العمليات التي تُفضَح ويتم توثيقها تساهم في رفع مستوى المساءلة وتكوين قرارات دولية يستحيل تجنبها خاصة إذا ما اتحدت الأصوات الحقوقية والقانونية .
5. التحدي الأكبر لمن يريد مقاومة هذا النظام هو ليس فقط المواجهة العسكرية بل إنتاج المعرفة وتوثيق الانتهاكات وتمكين النشاط الحقوقي والإعلامي والثقافي وضرب رواية التطبيع التي تُسكت أو تُخفف من جرائم الاحتلال .
التوصيات العملية الاستراتيجيه للمواجهة
• إنشاء مرصد إقليمي – دولي موحَّد يُوثّق كل اغتيال ويوثّق الأساليب ويكشف الأطراف ويقدّم بيانات دقيقة للمحاكم الدولية والمنظمات الحقوقية .
• تشجيع الجامعات ومراكز الدراسات لإنتاج بحوث مفصَّلة في تحليل العمليات والتأثير الاجتماعي والنفسي ودور الإعلام والمسار القانوني الدولي .
• تحفيز المجتمع المدني لتعزيز التوعية في الداخل العربي حول أن الاغتيالات جزء من مشروع أوسع لكي لا تكون مجرد ردود عاطفية بل استجابات استراتيجية .
• الاستخدام الذكي لآليات المحاكم الدولية مثل المحكمة الدولية الجنائية محكمة حقوق الإنسان الأوروبية وغيرها لطلب فتح تحقيقات رسمية، وضع قوائم سوداء وإصدار قرارات تدين وتُلزم بالتعويض .
• بناء تحالفات مع منظمات الإعلام الحر والمدافعين عن حقوق الإنسان والأكاديميين لتوصيل الرواية الحقوقية للعالم بحيث لا تُترك إسرائيل وحدها في صناعة الرواية الأمنية .
تنويه تمهيدي للباب الخامس
المشروع التوسعي الصهيوني – من الاحتلال إلى إسرائيل الكبرى
في سياق تتسارع فيه المتغيرات الإقليمية والدولية ويُعاد فيه رسم الخرائط الجغرافية والعقائدية في المنطقة لا يمكن فهم سلوك الكيان الصهيوني دون التوقف أمام أحد أخطر مرتكزاته الفكرية والاستراتيجية : النزعة التوسعية المرتبطة بمفهوم أرض الميعاد وإسرائيل الكبرى .
فما نشهده من احتلال واستيطان وضم للأراضي وتغيير ديموجرافي ممنهج ليس مجرد رد فعل أو نتيجة لمعارك بل هو نتاج لمشروع توسعي ممتد له جذوره في الفكر الصهيوني منذ نشأته وتدعمه ايات توراتيه محرفة ويُنفذها على الأرض بخطط سياسية وعسكرية ممنهجة .
الباب الخامس من الموسوعة سيتناول بالتحليل والتوثيق :
• كيف بدأت فكرة التوسع الجغرافي في العقل الصهيوني؟
• ما هي الخرائط السرّية والمُعلنة لما يسمى بإسرائيل الكبرى؟
• كيف تطورت هذه الفكرة من الأساطير إلى استراتيجيات معلنة؟
• ما علاقة الاستيطان والتهويد والضم بهذه الخطة الكبرى؟
• كيف تستغل إسرائيل الدين والتاريخ والجغرافيا لإضفاء الشرعية على مشروعها؟
• ما هو الموقف العربي والإسلامي من هذه المخططات؟
• وأخيراً ما هي سبل المواجهة فكرياً واستراتيجياً لهذا الزحف الصامت الذي يهدد بنية الأمة وهويتها وحدودها؟
الباب الخامس ليس مجرد استكمال زمني أو موضوعي لما سبق بل هو محور الارتكاز الذي يُفسر السلوك الإسرائيلي منذ النكبة وحتى اليوم
فمن دون فهم الذهنية التوسعية لن نُدرك لماذا ترفض إسرائيل حدود 1967 ولماذا تصر على ضم الضفة وتهويد القدس وشن الحروب في غزة والتدخل في لبنان وسوريا بل وربما ما وراء ذلك .
دعوة للتأمل والمواجهة
هذا الباب هو بمثابة صفارة إنذار استراتيجية تكشف أن المشروع الصهيوني لا يستهدف فلسطين وحدها بل يسعى لإعادة تشكيل المشرق العربي برمّته وأن التوسّع ليس خياراً ثانوياً بل هو غاية وجودية لكيان استعماري يرى في السكون نهاية له انتظرونا سيتم العرض بلغة تحليلية دقيقة مدعومة بالأدلة والنصوص التوراتية والسياسية وقراءة تاريخية عميقة واستشراف استراتيجي للمستقبل ليكون هذا الباب مرجعاً لكل باحث وصانع قرار ومثقف يريد أن يفهم كيف يفكر هذا الكيان وإلى أين يريد أن يصل وكيف يمكن إيقافه .