ساحة الرأي

المواجهة الكبرى.. هل تدخل إسرائيل نفق العزلة الدولية؟

بقلم : لواء / أحمد زغلول مهران

في ظل تصاعد غير مسبوق في حدة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، تقف المنطقة أمام لحظة مفصلية لا تقل خطورة عن لحظات تاريخية سابقة أعادت رسم الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.
فإسرائيل تمضي في مخطط توسعي واستيطاني غير قانوني بالتوازي مع تصعيد عسكري شامل على قطاع غزة، متحديه إرادة المجتمع الدولي، ورافضة مبادرات السلام كافة.
لذا نكشف أبعاد هذه المواجهة، ونتناول مواقف القوى الدولية والعربية، ودور الولايات المتحدة، ومصير القضية الفلسطينية، ونطرح توصيات استراتيجية قابلة للتنفيذ من أجل وقف الانهيار وفتح أفق للحل.

أولاً: مشروع E1 •• رصاصة متعمده على حل الدولتين؟

الاستيطان الإسرائيلي يبتلع الضفة الغربية ويهدد بفصلها جغرافياً
وافقت الحكومة الإسرائيلية، في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ عقود، على تنفيذ خطة استيطانية في منطقة E1 شرق القدس. هذه الخطة تشمل بناء ما يزيد عن 3,400 وحدة سكنية استيطانية، تهدف إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، والقضاء على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة جغرافية متصلة.

أبرز تداعيات هذه الخطوة:
• انتهاك صارخ للقانون الدولي واتفاقيات جنيف.
• تجاهل كامل للجهود الدولية والأوروبية التي دعت إلى التراجع عن القرار.
• تعزيز نفوذ التيار اليميني المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية.

تحليل: المشروع لا يهدف فقط إلى فرض أمر واقع، بل إلى إنهاء فكرة حل الدولتين من جذورها.

ثانيًا: غزة تحت القصف •• هل بدأت إسرائيل معركتها الأخيرة؟

هجوم بري واسع النطاق على غزة والخطر يطال المدنيين بشكل مباشر
بالتوازي مع الاستيطان، صعّدت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، مُطلقة ما وصفته بالمرحلة التالية للسيطرة على القطاع وتم استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، مع تصعيد جوي وبري يستهدف قلب مدينة غزة.
• مئات الشهداء والجرحى من المدنيين خلال الأيام الأخيرة فقط.
• استهداف مباشر للبنية التحتية والمراكز الصحية والتعليمية.
• تهجير قسري لعشرات الآلاف من السكان إلى مناطق أقل أمانًا.

تحليل : الهدف لا يبدو فقط استهداف حركة حماس، بل تفريغ القطاع من مكونه المدني وتغيير الواقع السكاني والديموجرافى فيه.

ثالثًا: الموقف الدولي •• إدانات وتحولات استراتيجية

هل بدأ العالم فعلياً بعزل إسرائيل سياسياً ؟
• الأمم المتحدة أكدت أن مشروع E1 ينهي أمل الدولة الفلسطينية، ودعت لتجميده فوراً.
• الاتحاد الأوروبي وصف المشروع بأنه ضربة قاتلة لفرص السلام.
• بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، وكندا أعربت عن نية الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين خلال الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
• المحكمة الجنائية الدولية أعادت فتح ملفات جرائم الحرب في غزة بعد تصاعد الضغوط الحقوقية.

تحليل : التغير في الموقف الأوروبي لا يُعد تقليدياً ، بل يعكس بداية تحول استراتيجي في معطيات الموقف مع إسرائيل على الرغم من دعمها المستمر لاسرائيل

رابعاً : موقف الولايات المتحدة •• دعم صامت لإسرائيل؟

الولايات المتحده الامريكيه تفضل التهدئة بدون ضغط فعلي على اسرائيل رغم فداحة الأحداث، لم تصدر عن الولايات المتحدة أي إدانة صريحة للسياسات الإسرائيلية الأخيرة، مكتفية بتصريحات دبلوماسية غامضة تشدد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعلى ضرورة تجنب عودة حكم حماس لغزة.
• رفض أمريكي للمشاركة في مؤتمر دولي للسلام عقدته عدة أطراف دوليه.
• لا تعليق مباشر على الاستيطان في E1، رغم انتقادات الحلفاء الأوروبيين.
• دعم عسكري ولوجستي مستمر لإسرائيل خلال العمليات في غزة.

تحليل : واشنطن لا تزال ترى أن الضغط على إسرائيل خط أحمر، ما يضعف مصداقية الوساطة الأمريكية ويفتح الباب لوساطات بديلة.

خامساً : الموقف العربي •• تضامن سياسي بلا أدوات ضغط

تحركات عربية موسعة •• لكن هل تكفي؟

الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، الأردن، قطر، السعودية، والإمارات، أدانت الاستيطان والعدوان على غزة، كما دعت إلى هدنة فورية وفتح الممرات الإنسانية.
• مصر تلعب دورًا مركزيًا في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
• قطر تقدمت بمبادرة إنسانية لإدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة.
• الأردن وصف ما يحدث بأنه قتل ممنهج لفكرة السلام.
• جامعة الدول العربية عقدت اجتماعاً طارئاً أدان الإجراءات الإسرائيلية وناشد المجتمع الدولي التحرك الفوري.

تحليل : رغم الزخم العربي الرسمي، وموقف مصر الواضح والصريح من هذه الاجراءات التى تقوم بها اسرائيل لا تزال أدوات الضغط ضعيفة وغير موحدة، ما يضعف الأثر الفعلي لهذه التحركات على الأرض.

سادساً : ما الطريق الفعلى إلى الحل هل يمكن وقف الحرب ؟

بين المبادرات الدبلوماسية والاعتراف بدولة فلسطين •• كيف نوقف الحرب الغاشمه على الشعب الفلسطينى؟
يتفق الكثير على أن الصراع وصل إلى نقطة اللاعودة، إلا أن هناك فرصاً حقيقية إن تم استغلالها بذكاء سياسي وجرأة دوليه وضمير انسانى.

التوصيات العملية لإنهاء الأزمة:

  1. تجميد مشروع E1 وكافة الأنشطة الاستيطانية
    بقرار من مجلس الأمن وتحت طائلة العقوبات الأوروبية.

  2. فرض وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
    برعاية أممية ومراقبة دولية ميدانية.

  3. الاعتراف الرسمي الجماعي بدولة فلسطين
    من قبل الدول الأوروبية وأمريكا الجنوبية والأفريقية والآسيوية، لإعادة التوازن السياسي والحقوقي.

  4. تفعيل المحكمة الجنائية الدولية
    لمحاسبة كل من تورط في استهداف المدنيين، خصوصاً في غزة.

  5. إطلاق مسار سلام جديد غير مرتبط بالولايات المتحدة الأميركية
    بقيادة الأمم المتحدة والجامعة العربية ودول حيادية.

6 .ضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدوليه واحترام القوانين الدوليه الملزمه بحقوق الإنسان وحقوق الشعوب المحتله.

لم تعد القضية الفلسطينية مجرد ملف سياسي، بل تحوّلت إلى مرآة تعكس مدى التزام العالم بالقانون الدولي وحقوق الإنسان حيث ان إسرائيل باستهتارها المتواصل بكل المبادرات، ترسم طريقاً محفوفاً بالمخاطر، لن ينتهي فقط بدمار غزة، بل بعزلتها هي أيضاً.
وإن المرحلة الحالية تتطلب من العرب والعالم أجمع، أن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية، وألا يسمحوا بإسقاط آخر ما تبقى من فرص السلام ويسقطوا أغصان الزيتون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى