الرئيس السيسي في القمة العربيه الإسلامية الطارئة: خطاب الدولة الذي أحرج الصمت العربي والدولي

بقلم: اللواء/ أحمد زغلول مهران
نائب رئيس حزب المؤتمر – رئيس الهيئة العليا للحزب
مستشار مركز رع للدراسات الاستراتيجية
في مشهد سياسي استثنائي، وخلال قمة عربية إسلامية طارئة تزامنت مع تصاعد وتيرة العنف والانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي خطاباً اتّسم بالحسم والاتزان.
خطاب لم يكن مجرد كلمات سياسية، بل جاء كموقف استراتيجي صريح، حدد فيه المسؤوليات، ورسم خطوطاً حمراء، ووجّه رسائل واضحة إلى الداخل والخارج.
ما قاله الرئيس السيسي لم يكن عادياً، بل عبّر عن ضمير أمة، ودور دولة بحجم مصر، تعرف متى تتكلم، وكيف تضع النقاط فوق الحروف.
أولاً: رسالة إلى العالم العربي والإسلامي •• الوحدة ليست ترفاً بل ضرورة وجود
وجّه الرئيس السيسي نداءً إلى القادة العرب والمسلمين، بأن اللحظة الراهنة لا تحتمل الشعارات ولا المجاملات، بل تتطلب موقفاً موحداً حازماً في وجه الانتهاكات الإسرائيلية.
• أكد أن استمرار العدوان على المدنيين الفلسطينيين واستهداف الأطفال والنساء والمستشفيات يُعد جريمة لا يجب السكوت عنها.
• دعا إلى رفض التهجير القسري، وعدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية عبر فرض وقائع جديدة على الأرض.
• شدد على أن التضامن العربي لابد أن يترجم إلى خطوات عملية على الأرض، وليس مجرد بيانات شجب.
الرئيس المصري لم يكتفِ بالتضامن الكلامي، بل حمّل الجميع مسؤولية تاريخية إما الاصطفاف خلف الحقوق المشروعة، أو الوقوف في صف الصمت القاتل.
ثانياً: رسالة إلى المجتمع الدولي •• المعايير المزدوجة تهدم مصداقية القانون الدولي
وجه السيسي انتقاداً صريحاً لسياسات الدول الكبرى، التي تتعامل مع الأزمات الدولية بازدواجية فجّة، تغض الطرف عن الجرائم إذا ارتكبها حلفاؤها، وتُدينها إن جاءت من خصومها.
• طالب بتحرك دولي عاجل لوقف إطلاق النار في غزة، وفتح المعابر الإنسانية فوراً.
• دعا إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات، ومحاسبة الجناة.
• أكد أن استمرار التغاضي عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل يهدم أسس الشرعية الدولية، ويُفقد النظام العالمي توازنه الأخلاقي.
أعاد الرئيس السيسي تعريف العلاقات مع الغرب من زاوية الكرامة والمصداقية، لا المصالح فقط، وطرح على العالم سؤالاً أخلاقياً أين أنتم من دماء الأبرياء؟
ثالثاً: رسالة إلى الحكومة والشعب الإسرائيلي •• لا أمن فوق جثث الأبرياء
في خطاب مباشر إلى إسرائيل، وجّه الرئيس المصري تحذيراً واضحاً الاستمرار في العدوان لن يحقق الأمن، بل سيؤسس لعقود جديدة من العنف والكراهية.
• أكد بوضوح لن يتحقق السلام في الشرق الأوسط إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
• حذر من أن السياسات الإسرائيلية تُقوّض فرص السلام وتُعيد المنطقة إلى دائرة الانفجار المستمر.
• أكّد أن اتفاقيات التطبيع لا يمكن أن تكون بديلاً عن حل عادل وشامل للصراع.
الرئيس السيسي وجّه رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي أمنكم لن يتحقق دون عدالة، ولا استقرار حقيقي يُبنى على القمع.
رابعاً : رسالة إلى الشعب المصري •• مصر لا تساوم على ثوابتها
في لحظة قد تبدو ضاغطة على الجميع، طمأن الرئيس السيسي الداخل المصري بأن مصر، رغم التحديات، ثابتة على مبادئها.
• رفض بشكل قاطع أي حديث عن توطين الفلسطينيين في سيناء، مؤكداً أن الأمن القومي المصري خط أحمر
• أكد أن مصر لا تنجرف وراء ردود الفعل المتوتره ، لكنها لا تتخلى عن دورها ومكانتها كقائدة وضمير للأمة.
• عبّر عن أن السياسة المصرية تقوم على القرار المستقل والتحرك المتزن الذي يُقدّر الموقف ويديره بحكمة لا ضعف.
الرسالة إلى الشعب كانت واضحة مصر قوية بموقفها، لا بانفعالها؛ وطن يعرف حدوده، ويحمي أرضه وكرامته.
خامساً: صدى الكلمة إقليمياً ودولياً
في العالم العربي:
لاقى خطاب الرئيس السيسي إشادة واسعة من عدة دول عربية ومنظمات سياسية، التي رأت فيه تعبيراً عن موقف عربي أصيل، وقوة اعتدال لا تُفرّط في الحقوق.
في الغرب:
تناقلت وكالات الأنباء تصريحات السيسي حول عرقلة إسرائيل لفرص السلام ،ووصفت الخطاب بأنه الأكثر وضوحاً وحسماً بين الخطابات العربية الأخيرة.
في الداخل المصري:
رحبت النخب السياسية والشعب المصري بمواقف الرئيس، ورأوا أنها أعادت مصر إلى موقعها الطبيعي كقلب العروبة وراعية الاستقرار الإقليمي.
عندما تتكلم مصر تصمت الحسابات وتتكشف الحقائق
خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة لم يكن بروتوكولياً، بل بيان موقف، ورسالة دولة، وخريطة طريق حيث حدد بوضوح:
من المسؤول ومن المتخاذل ومن يتحرك ومن يصمت.
فى وقتٍ غابت فيه الأصوات أو اختبأت خلف حسابات ضيقة، تكلمت مصر بلغة الدولة وضمير الأمة، لتُعيد تعريف المواقف وتضع الجميع أمام اختبار التاريخ