فن ومنوعات

“جفرا”.. حين تكتب الطفولة الفلسطينية حكايتها على الشاشة بصوت الألم والأمل

في زمن تتكاثر فيه الحروب وتضيع فيه الطفولة تحت ركام السياسة، يخرج فيلم “جفرا” كهمسة صادقة في قلب العاصفة. ليس مجرد مشروع تخرج، بل فعل مقاومة ناعم، حملته قلوب طلابية آمنت أن للكاميرا دورًا في الانتصار للحياة، وأن للفن رسالة لا تقل عن أي سلاح.

بتوقيع المخرج الشاب أحمد أيمن، وسيناريو عذب.. يأتي “جفرا” ليعيد الاعتبار للإنسان، للبراءة التي سُلبت، وللأحلام التي وُلدت في ظلال الخوف. الفيلم لا يروي فقط وجع غزة، بل يحمله، يتنفسه، ويقدّمه للعالم من خلال ثلاث قصص حقيقية لأطفال فلسطينيين هربوا من الموت، ولم يهربوا من الحلم.

هنا، طفلة ترقص كأنها تكسر القيد، وأخرى ترسم حدود وطنها بالألوان، وصبي يتشبث بكرة القدم كأنها آخر ما تبقى له من الأمل.

ما يميز “جفرا” ليس فقط صورته النقية، بل عمقه الإنساني، الذي لم يكن ليتحقق دون ظهور مؤثر ومباشر من دكاترة ومختصين آمنوا بالفكرة ودعموها بحضورهم وخبرتهم، على رأسهم د. أحمد سامي، أخصائي أول بمنظمة الدعم النفسي لأطفال غزة (GEMS)، ود. غادة العبسي، أخصائية نفسية للأطفال، الذين منحوا العمل ظلالًا نفسية شفافة لامست جوهر التجربة.

الفيلم خرج إلى النور بإشراف دؤوب ورعاية أكاديمية من د. هدى الشاذلي، المشرفة على المشروع، وأ.م. مرام رجب، وتحت إشراف عام من أ.د. إيناس أبو يوسف، عميدة كلية الإعلام، ود. سهير عثمان، وكيلة الكلية، وأ.د. ماجدة باجنير ود. فداء محمد،كانت رؤيتهم التربوية منفتحة على الإبداع، فسمحوا بأن يُروى الحلم بحرية وصدق.

كما احتضنت الجامعة الكندية هذا المشروع بكل طاقاتها التعليمية والأكاديمية، مؤمنة بأن الإبداع الحقيقي لا ينشأ إلا في بيئة تُعطي طلابها الحق في التعبير، وتدعم خطواتهم الأولى في صناعة الوعي والجمال. كانت حاضنة للفكرة، وركنًا أصيلًا في دعم هذا العمل الطالبي المميز.

وتكاملت الرؤية من خلال فريق عمل اجتهد بإيمان: هايدي خالد، شهد محمد، خالد عاطف، يوسف صبري، ومن قلب الفريق برزت فرح أبو عطية، التي لم تكن مجرد مشاركة، بل كانت مساعد مخرج أول، ساهمت في رسم ملامح العمل، وإدارة تفاصيله بحساسية عالية وشغف صادق، لتكون همزة الوصل بين الرؤية الإخراجية والتنفيذ الدقيق.

أما الاسم “جفرا”، فليس اختيارًا جماليًا فقط، بل إشارة إلى الأرض، إلى الأنشودة التي لا تموت، إلى البنت التي تمثل الوطن، الثورة، والحنين، والتي اختارها صنّاع الفيلم لتكون رمزًا لطفولة تُنتزع منها الحياة، لكنها تُصرّ أن تعيش.

“جفرا” ليس فقط فيلمًا… بل وعد.

وعد بأن الحكايات الكبيرة يمكن أن تُروى بعيون صغيرة،وأن فلسطين، وإن غابت عن العناوين، لا تغيب عن القلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى