رئيس التحرير

جمال أبوالفضل يكتب: مدارس الراهبات: التربية قبل التعليم

الأهم من الجودةٍ والأداء، ثبات المنظومة ووضع الأُطر الحاكمة لها بحيث لا يرتبط النظام بشخصٍ واحدٍ أو إدارة واحدة.. هكذا هي التجربة الأمثل في التعليم في مصر بمدارس الراهبات.

لا أجد ما يمنعني من المطالبة بتعميم تلك الفكرة والاستفادة من هذه المنظومة الناجحة بكل المقاييس، ولا أصدق أن بلدًا مثل: مصر لديها من الريادة والتجربة ما يميزها عن غيرها حتى في التعليم الذي تجسده مدارس الراهبات، ثم تستعين بتجارب الخارج بالمدارس الأمريكية الانترناشيونال واليابانية، ونظام التوكاتسو لتعليم الأطفال الأخلاقيات والمبادئ المجتمعية والقيم الدينية، وقد كنّا سبقناهم بالفعل من خلال مدارس الراهبات.

مدارس الراهبات – لمن لا يعلم – ليست للأقباط فقط، بل إن الإقبال عليها من جانب الطالبات المسلمات مرتفع جدًا، إذ إن النظام الموضوع للدراسة تستهدف تعظيم فكرة الدين وفرائضه، فترى الالتزام بمظاهر ومضامين الدين الإسلاميّ لدى الطالبات المسلمات في مدارس الراهبات أعلى من غيره فيما عداها.

 

إقرأ أيضـــــا …. نادية عبده .. صاحبة الفضل ورائدة التجربة

 

عايشت تلك التجربة مع بناتي هنا، ورنا، وجنا، بعد الاكتواء من كل النظم الدراسية والإدارات الخاصة التي طوعت التعليم في مصر لرغبات تجارية بحتة ومظاهر لا علاقة لها ببناء الإنسان منذ طفولته، حتى هُديت إلى مدارس الراهبات التي غيرت من معلوماتي وفكرتي عن التعليم في مصر وأثبتت لدي الفكرة العظيمة بأن مصر بلد رائد بالفعل، لكنّنا يتبقى لدينا حسن الاختيار وسلامة التنفيذ.

وحتى يمكن الحفاظ على النظام، لابد من اختيار الشخص الأنسب للإدارة، وهي سمة مهمة من سمات تلك المدارس المنتشرة في جمهورية مصر العربية، واستطيع من هنا أن أوجه سيل من التحية والتقدير لكل من ساهم في تلك المنظومة وأفاد بها التعليم في مصر.

بمدارس الراهبات في محافظة البحيرة، كان ليّ تعامل مباشر مع السير نجاة مرتجى، مديرة المدرسة بمدينة دمنهور، ولبناتي الشرف أن تعلمن على يد تلك الأخت الرائعة التي برعت في التربية قبل التعليم، وأتقنت فنون التلقين والفهم والانضباط والاحترام المبني على المحبة قبل التعنيف. سلوكيات التربية في المدارس تظهر جلية في البيت والشارع، فالتعليم ربما يستوعبه العقل، لكنّ التربية تهذب النفس ويمتد مداها للتعاملات، ولنفس السبب أشكر للمرة الثانية كل من قام وعمل على فكرة هذه المدارس، واتمنى تعميم تلك التجربة والاستفادة منها في منظومة التعليم الجديدة التي تمضي نحو التغيير للأفضل.

وفي النهاية أسأل الله أن يحفظ مصر وأهلها.

زر الذهاب إلى الأعلى