نتنياهو في 11 سبتمبر.. إنهاء الأمل بإقامة الدولة الفلسطينية
تصعيد خطير: توسع استيطاني وتهديدات مفتوحة على كل الجبهات

بقلم: اللواء أحمد زغلول مهران
رئيس مركز الإبداع والابتكار والوعي المجتمعي
في تصريح وُصف بالأكثر خطورة منذ عقود، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتاريخ 11 سبتمبر 2025، وبشكلٍ صريح، أن “لن تكون هناك دولة فلسطينية على الإطلاق”، متعهداً بتوسيع الاستيطان وتنفيذ مشروع “إسرائيل الكبرى”، إلى جانب تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة والقدس، بل وحتى من أراضي 1948.
يتزامن هذا التصريح مع تصعيد عسكري ممنهج شمل قصفاً على العاصمة القطرية الدوحة، وعدواناً على غزة، وضربات على سوريا واليمن، وسط تهديدات مفتوحة بمهاجمة أي دولة تؤوي قيادات فلسطينية، ما يجعل المنطقة بأكملها تقف على شفا انفجار شامل.
التصريح إعلان موت لحل الدولتين
جاء تصريح نتنياهو خلال مؤتمر صحفي موسع، عقب توقيعه خطة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في مشروع “E1” الفاصل بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم.
وقال نتنياهو بالتحديد:
“لن تكون هناك دولة فلسطينية هذه الأرض لنا، وسنفرض سيادتنا عليها بالكامل آن الأوان لإنهاء أوهام التقسيم والمساومة”.
هذا التصريح ليس موقفاً سياسياً عابراً، بل إلغاء فعلي لأي حل تفاوضي قائم على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، التي طالما شكلت المرجعية الرسمية لما يعرف عملية السلام .
المشروع الاسرائيلى تهجير، استيطان، وضربات إقليمية
إلى جانب التصريحات، تأتي التحركات الميدانية لتجسيد المشروع الإسرائيلي الكبير:
- تهجير وتطهير ديموجرافى
• تكثيف محاولات تهجير الفلسطينيين من شمال ووسط غزة.
• اقتحامات يومية في الضفة، خاصة نابلس وجنين والخليل.
• اعتقالات عشوائية وتفكيك البنىٰ في القدس الشرقية.
• تصعيد إجراءات التمييز ضد فلسطينيي الداخل (عرب 48). -
مشروع “E1” وقطع أوصال الضفة
• يشمل بناء آلاف الوحدات السكنيه الجديدة، وربط المستوطنات بشبكة طرق عسكرية.
• يهدف إلى فصل شمال الضفة عن جنوبها، وجعل الدولة الفلسطينية أمراً جغرافياً مستحيلاً . -
قصف واستهداف إقليمي
• قصف الدوحة الذي استهدف مقراً لقيادات من حركة حماس، اعتبرته قطر عدواناً سافراً على السيادة .
• ضربات على سوريا واليمن، بزعم استهداف خلايا تابعة لحماس.
• تهديدات مباشرة بإمكانية ضرب جنوب لبنان أو أي بلد تستضيف قادة المقاومة.
التداعيات الإقليمية والدولية
سلبيات كارثية على عدة مستويات:
1. تدمير مسار السلام نهائياً
• إعلان نهاية حل الدولتين رسماً يلغي أي قاعدة للتفاوض.
• يُفقد السلطة الفلسطينية وحتى الوسطاء (الولايات المتحدة، مصر، قطر) شرعية الحوار.
2. زيادة التوتر الشعبي في العالم العربي والإسلامي
• الغضب يتصاعد في الشارع العربي والإسلامي، ومعه الضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف أقوى.
3. انكشاف الوجه الاستيطاني لإسرائيل أمام العالم
• أصبح من الصعب تبرير هذه السياسات حتى للحلفاء الغربيين.
• منظمات حقوقية أوروبية وأممية بدأت تصف ما يحدث بنظام فصل عنصري مع سبق الإصرار .
4. تهديد الاستقرار الإقليمي
• قصف الدوحة وسوريا واليمن قد يشعل مواجهة إقليمية لا يمكن احتواؤها بسهولة.
5. تقويض دور الأمم المتحدة والقانون الدولي
• استمرار هذه التصرفات دون رادع يُفقد النظام الدولي أي مصداقية أو قدرة على فرض القانون.
المواقف العربية والإسلامية
• قطر: أدانت التصريح الإسرائيلي ووصفت القصف الأخير بأنه اعتداء إرهابي على السيادة القطرية .
• مصر والأردن: عبّرتا عن رفض تام للموقف الإسرائيلي، وأكدتا أن القدس الشرقية والضفة جزء من دولة فلسطين.
• السعودية والإمارات: أعربتا عن قلق بالغ مع تأكيد دعم الشعب الفلسطيني، وسط دعوات لتوحيد الصف العربي.
• تركيا وإيران: استنكرتا ما وصفوه بالعنصرية السياسية ،ودعتا إلى ردع فوري لسياسات الاحتلال.
• منظمة التعاون الإسلامي: تستعد لعقد جلسة طارئة خلال أيام، لبحث الرد الموحد.
• جامعة الدول العربية: أعلنت عن اجتماع طارئ يوم ١٤ سبتمبر على مستوى وزراء الخارجية ويوم ١٥ سبتمبر قمه عربيه إسلاميه لبحث تداعيات تصريح نتنياهو والتصعيد العسكري الشامل.
التوصيات العاجلة
- تحرك دبلوماسي عربي فوري
• إصدار موقف موحّد من الجامعة العربية والمنظمة الإسلامية يُدين رسميًا هذه التصريحات ويطالب بمحاسبة إسرائيل. - التحرك القانوني الدولي
• تشكيل لجنة قانونية لرفع دعوى ضد الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية بخصوص التهجير والعدوان. - فرض عقوبات سياسية ودبلوماسية
• تجميد الاتفاقيات الثنائية، والضغط على المجتمع الدولي لوقف التطبيع حتى تراجع إسرائيل عن مواقفها. - دعم المقاومة الفلسطينية سياسياً وإنسانياً
• تكثيف الدعم لغزة، دعم صمود الفلسطينيين في الضفة والقدس، ومساندة الجهود الشعبية والدبلوماسية. - إعادة إحياء القضية فلسطيناً وعالمياً
• توجيه الجهد الإعلامي والثقافي العربي لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية والشعوب
بين الحقيقة والهاوية
تصريح نتنياهو في 11 سبتمبر ليس مجرد تعبير عن موقف سياسي، بل بيان تصفية نهائي للقضية الفلسطينية لا مكان لدولة فلسطينية، لا مكان لشعب له وطن، لا مكان لقانون دولي أمام مشروع توسّعي إقصائي.
إن الردّ لا يجب أن يكون بالكلمات وحدها، بل بإرادة سياسية موحّدة، وعمل قانوني منظم، وضغط شعبي لا يتوقف.
إما أن نقف جميعاً لحماية ما تبقى من الحق الفلسطيني، أو نكون شهوداً على جريمة اغتيال وطن وهوية في وضح النهار، على مرأى من العالم.