ساحة الرأي

د. إبراهيم مرجونة يكتب: وأدوّر عاللي بايعني؟

لمحمد عبد الوهاب أغنية جميلة قدمها للجمهور عام 1957، وهي من كلمات حسين السيد وألحان عبد الوهاب ويقول مطلعها:

بفكر في اللي ناسيني

وبنسى اللي فاكرني

وبهرب من اللي شاريني

وأدوّر عاللي بايعني.

عبد الوهاب هو من كتب مطلع الأغنية، وأكمل القصيدة حسين السيد.. فيبدو أن عبد الوهاب عانى مما عاناه فعبر بما كتب.

القصد أن معنى الكلمات ينطبق على الذين أدمنوا التعب ورافقوا الشقاء، ولا أعلم إن كان هذا من سوء حظ الإنسان أم من سوء تصرفه؟ سوء التصرف بالإمكان أن يتحسن، لكن المشكلة في من لا يريد أن يفعل ذلك.. أو لم ينتبه أو لم يصدق لغاية الآن بأنه يهرب من اللي شاريه ويدور عاللي بايعه.

فالحــياة مستمــــــرة بين الفرح والحــزن والسعاده والشقـاء والحلـو والمـر..! وأحيانًا يغلب سيف الحياء على علاقتنا بالآخرينفسيف الحياء هو السيف الذي يستله المستغل لك، من غمدك أنت .. ولا يستطيع أن يشهره في وجهك إلا إن طأطأت له رأسك.

و”علاقة سيف الحياء” معتمدة على خلل في الفكرة عند طرف ما.. واستغلال لهذا الخلل من طرف آخر، وفي أحيان كثيرة يأتي الخلل والحياء معًا، عندما تشتري من باعك وتنسى من اشترى.

من أقسى تصرفات الإنسان ضد نفسه، هو عدم اهتمامه بالذين يحبونه ويهتمون برضاه، فيبتعد عنهم ويقضي السنين من حياته في التجارب مع آخرين، وغالبًا ما تنتهي تجاربه على لا شيء.

الإنسان يحتاج دائمًا إلى “فطنة” وإلى أوقات تفكير وتقييم لما حوله، المحظوظ والنبيه هو من يكتشف أصحاب الود الصافي منذ البدايات ويكتفي بهم وبنصحهم، أولئك المعطاؤون كلامًا وفعلاً والأكثر صفاءً، العطاء هنا ليس المال.. المال جزء صغير أمام الذين يمنحونك السعادة والشعور بالرضا، وحتى يستطيع الإنسان معرفة محبيه، عليه أن ينتبه لوجودهم ويعطيهم قيمتهم الحقيقية ويعمل على المحافظة عليهم بطيب أخلاقه وأفعاله وطول صبره.

بعض الناس بعد أن يصلوا إلى عمر معين ينطوون على أنفسهم ويصبحون “بيتوتيين”؛ ليس لأنهم لا يحبون أن يكون لديهم أصدقاء، بل لأنهم تعبوا من “الدوشة” التي وضعوا أنفسهم بداخلها سنين طويلة، وبعضهم عادوا للذين “اشتروهم”، وهم عادة قلة بعد أن اكتشفوا ذلك بتجاربهم وحسنًا فعلوا بعودتهم.

الحاجة إلى التفكير والتقييم مسألة مهمة في حياة الإنسان، حتى لا تمضي الأيام من دون قيمة، وحتى لا يضيع العمر.

إذن توقف وقييم حياتك، يعد التقييم الذاتي من السلوكيات المهمة في حياة الإنسان، خصوصًا إذا قام بها الإنسان بشكل صحيح وأصبحت لديه المعرفة الجيدة بنفسه، و الإدراك الجيد لسلبياته وإيجابياته، حيث يمكّن التقييم الذاتي الإنسان من تعديل النظرة الذاتية عن نفسه إن كانت سلبية جداً أو غير واقعية، وتعد الخطوة الأولى في سبيل معرفة الذات وتطويرها، فمعرفة الإنسان لنقاط ضعفه وقوته يمهّد له الطريق لتعزيز نقاط القوة وعلاج نقاط الضعف، وفي رحلة التقييم عليك أن تستقوى بمن اشترى وتبتعد عمن باعك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى